البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٧٠
والمرجع في ذلك إلى اللغة، ولو حلف لا يكلمه إلى الموسم قال يكلمه إذا أصبح يوم النحر لأنه أول الموسم وغره الشهر ورأس الشهر أول ليلة ويومها وأول الشهر إلى ما دون النصف وآخره إذا مضى خمسة عشر يوما. ولو قال لله علي أن أصوم أول يوم من آخر الشهر وآخر يوم من أول الشهر فعليه صوم يوم الخامس عشر والسادس عشر، كذا في البدائع.
قوله: (والدهر والابد العمر ودهر محمل) يعني لو حلف لا يكلمه الدهر معرفا أو الأبد معرفا أو منكرا فهو العمر أي مدة حياة الحالف، وأما الدهر منكرا فقد قال أبو حنيفة: لا أدري ما هو. وقالا: هو كالحين. وهذا هو الصحيح خلافا لما يقوله بعضهم من أن الاختلاف بينهم في العرف أيضا. لهما أن دهرا يستعمل استعمال الحين والزمان يقال ما رأيته منذ دهر ومنذ حين بمعنى واحد. وأبو حنيفة توقف في تقديره لأن اللغات لا تدرك قياسا والعرف لم يعرف استمراره لاختلاف في الاستعمال والتوقف عند عدم المرجح من الكمال، وقد توقف أبو حنيفة في أربعة عشر مسألة كما في السراج الوهاج وقد نقل لا أدري عن الأئمة الأربعة بل عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن جبريل عليه السلام كما في الشرح. وبهذا علم أن العلم بجميع المسائل الشرعية ليس بشرط في الفقيه أي المجتهد لأن الشرط التهيؤ القريب كما بيناه أول الكتاب. وأشار المصنف إلى أنه لو قال لا أكلمه العمر فهو على الأبد.
واختلف جواب بشر بن الوليد في المنكر نحو عمرا فمرة قال في لله علي صوم عمر يقع على يوم واحد، ومرة قال هو مثل الحين ستة أشهر إلا أن ينوي أقل أو أكثر. وفي البدائع أن الأظهر أنه يقع على ستة أشهر.
قوله: (والأيام وأيام كثيرة والشهور والسنون عشرة ومنكرها ثلاثة) بيان لأقل الجمع في باب الايمان وهو على وجهين: إما أن يكون معرفا أو منكرا، فإذا كان معرفا كما إذا حلف لا يكلمه الأيام أو الجمع أو الشهور أو السنين انصرف إلى عشرة من تلك المعدودات، وكذلك لا يكلمه الأيام أو الجمع أو الشهور أو السنين انصرف إلى عشرة عند عدم النية.
وهذا كله عند أبي حنيفة. وقالا: في الأيام ينصرف إلى أيام الأسبوع، وفي الشهور إلى اثني عشر شهرا، وفي الجمع والسنين والدهور والأزمنة إلى الأبد لأن اللام للعهد إذا أمكن، وإن لم يمكن فهي للاستغراق والعهد ثابت في الأيام والشهور كما ذكرنا ولا عهد في خصوص ما سواهما فكان للاستغراق وهو استغراق سني العمر وجمعه. وله أنه جمع معرف باللام فينصرف إلى أقصى ما عهد مستعملا فيه لفظ الجمع علي اليقين وهو عشرة لأنه يقال ثلاثة رجال وأربعة رجال إلى عشرة رجال، فإذا جاوز العشرة ذهب الجمع فيقال عشر رجلا إلى
(٥٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 565 566 567 568 569 570 571 572 573 574 575 ... » »»
الفهرست