البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ٥٠٨
بناء الدار اه‍. وإنما لا يكون داخلا إذا وقف في طاق الباب لأن الباب لاحراز الدار وما فيها فلم يكن الخارج من الدار. والمراد بطاق الباب عتبته التي إذا أغلق الباب كانت خارجة عنه وهي المسماة بأسكفة الباب، وأما العتبة التي لو أغلق الباب تكون داخلة فهي من الدار فيحنث بالدخول فيها، ولو كان المحلوف عليه الخروج انعكس الحكم كما نص عليه الحاكم.
وقيد بكونه واقفا في طاق الباب أي بقدميه لأنه لو وقف بإحدى رجليه على العتبة وأدخل الأخرى، فإن استوى الجانبان أو كان الجانب الخارج أسفل لم يحنث، وإن كان الجانب الداخل أسفل حنث لأن اعتماد جميع بدنه على رجله التي هي في الجانب الأسفل، كذا في كثير من الكتب. وفي الظهيرية معزيا إلى السرخسي: الصحيح أنه لا يحنث مطلقا اه‍. وهو ظاهر لأن الانفصال التام لا يكون إلا بالقدمين. وفي الظهيرية بعده: ولو أدخل رأسه وإحدى قدميه حنث. وأفاد المصنف رحمه الله دلالة أن حقيقة الدخول الانفصال من الخارج إلى الداخل فلهذا لو أدخل رأسه ولم يدخل قدميه أو تناول منها لم يحنث ألا ترى أن السارق لو فعل ذلك لم يقطع كما في البدائع. ولو دخل الدهليز فإنه يحنث ففرق بينهما إذا كان المحلوف على دخوله الدار أو البيت ففي الأول يحنث بدخول دهليزه، وفي الثاني لا. وأما صحن الدار أو البيت ففي الكافي: لو حلف لا يدخل بيت فلان ولا نية له فدخل في صحن داره لم يحنث حتى يدخل البيت لأن شرط حنثه الدخول في البيت ولم يوجد ثم قال: وهذا في عرفهم، وأما في عرفنا فالدار والبيت واحد فيحنث إن دخل صحن الدار وعليه الفتوى اه‍. وفي الظهيرية: ولو قام على كنيف شارع أو ظلة شارعة إن كان مفتح الكنيف والظلة في الدار كان حانثا. وفي المحيط: لو دخل حانوتا مشرعا من هذه الدار إلى الطريق وليس له باب في الدار فإنه يحنث لأن من جملة الدار ما أحاطت به الدور، وإن دخل بستانا في تلك الدار، فإن كان متصلا بها لم يحنث، وإن كان في وسطها حنث اه‍. وفي القنية: حلف لا يدخل داره فدخل اصطبله لا يحنث. وفي الخلاصة معزيا إلى فتاوى النسفي: لو حلف لا يدخل بيت فلان فجلس على دكان على بابه إن كان ينتفع به المحلوف عليه وهو تبع لبيته يحنث - قال رحمه الله - وفيه نظر اه‍. وعلى هذا لو دخل حوشا بجنب البيت يحنث.
والحاصل أنه إذا حلف لا يدخل هذه الدار أو دار فلان فإنه يحنث بالوقوف على سطحها أو حائطها أو شجرة فيها أو عتبة داخل الباب ودهليزها أو صحنها أو كنيفها أو ظلتها بالشرط المذكور أو بستانها الذي في وسطها، ويحنث بدخولها على أي صفة كان الحالف راكبا كان أو ماشيا أو محمولا بأمره حافيا أو منتعلا بشرط أن يكون مختارا لما في
(٥٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 513 ... » »»
الفهرست