البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٤ - الصفحة ١٦٩
المعقودة للإضافة إليها وهي دائرة بين الحظر والإباحة أو الحنث وهو دائر أيضا. وأما كفارة الظهار فعلى القول بأن المضاف إليها سبب وهو الظهار وهو قول الأصوليين فإنما كان دائرا بين الحظر والإباحة مع أنه منكر من القول وزورا باعتبار أن التشبيه يحتمل أن يكون للكرامة فلم يتمحض كونه جناية، وأما على قول من جعل السبب مركبا من الظهار والعود فظاهر لكونه الظاهر محظورا والعود مباحا لكونه إمساكا بالمعروف ونقضا للقول الزور. والذي يظهر أنه لا ثمرة للاختلاف في سببها لأنهم اتفقوا على أنه لو عجلها بعد الظهار قبل العود جاز ولو كرر الظهار تكررت الكفارة وإن لم يتكرر العزم، ولو عزم ثم ترك فلا وجوب، ولو عزم ثم أبانها سقطت، ولو عجلها قبل الظهار لم يصح. وفي الطريق المعينة لا استحالة في جعل المعصية سببا للعبادة التي حكمها أن تكفر المعصية وتذهب السيئة خصوصا إذا صار معنى الزجر فيها مقصودا، وإنما المحال أن تجعل سببا للعبادة الموصلة إلى الجنة. وأما ركنها فالفعل المخصوص من إعتاق وصيام وإطعام على ما سيأتي. وأما شروطها فكل ما هو شرط انعقاد سبب وجوبها من اليمين والظهار والافطار والقتل، وأما شرائط وجوبها القدرة عليها، وأما شرائط الصحة فنوعان: عامة وخاصة. فما يعمها النية وشرطها المقارنة لفعل التكفير فإن تأخرت عنه لم يجز وسيأتي بيان ما إذا أعتق رقبة عن كفارتين، وسيأتي بيان شرط صحة كل نوع من أنواعها.
ومصرفها مصرف الزكاة فلا يجوز إطعام الغني ولا مملوكه ولا الهاشمي إلا الذمي فإنه مصرف لها دون الحربي. وأما صفتها فهي عقوبة وجوبا لكونها شرعت أجزية لافعال فيما معنى الحظر عبادة، أداء لكونها تتأدى بالصوم والاعتاق والصدقة وهي قرب والغالب فيها معنى العبادة إلا كفارة الفطر في رمضان فإن جهة العقوبة فيها غالبة بدليل أنها تسقط بالشبهات كالحدود، ولا تجب مع الخطأ بخلاف كفارة اليمين لوجوبها مع الخطأ وكذا كفارة القتل الخطأ، وأما كفارة الظهار فقالوا: إن معنى العبادة فيها غالب وخالفهم صدر الشريعة في الأصول فجعلها ككفارة الفطر معنى العقوبة فيها غالب لكونه منكرا من القول وزورا. ورده في التلويح بأنه فاسد نقلا وحكما واستدلالا. أما الأول فلتصريحهم بخلافه، وأما الثاني فلان من حكم ما تكون العقوبة فيه غالبة أن تسقط بالشبهة وتتداخل ككفارة الصوم حتى لو أفطر مرارا لم تلزمه إلا كفارة واحدة ولا تداخل في كفارة الظهار حتى لو ظاهر من امرأته مرارا لزمه لكل ظهار كفارة. وأما الثالث فلانه لم يتحقق كونه جناية لاحتمال أن يكون التشبيه للكرامة وتمامه فيه. وأما حكمها فسقوط الواجب عن ذمته وحصول الثواب المقتضي لتكفير الخطايا، وهي واجبة على التراخي على الصحيح لكون الامر مطلقا حتى لا يأثم بالتأخير عن أول أوقات الامكان ويكون مؤديا لا
(١٦٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 164 165 166 167 168 169 170 171 172 173 174 ... » »»
الفهرست