البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٣٤
امرأته كل امرأة لي غيرك وغير فلانة فهي طالق ثم محى اسم الأخيرة ثم بعث بالكتاب لا تطلق وهذه حيلة عجيبة. كذا في المحيط. وذكر فيه مسألة ما إذا كتب مع الطلاق غيره من الحوائج ثم محى منه شيئا. وحاصله أنا لحوائج إن كتبها في أوله والطلاق في آخره فإن محى الحوائج فقط فوصل إليها لا تطلق، وإن محى الطلاق فقط طلقت. وإن كتب الطلاق أولا والحوائج آخرا انعكس الحكم، ولو كتب الطلاق في وسطه وكتب الحوائج قبله وبعده فإن محى الطلاق وترك ما قبله طلقت، وإن محى ما قبله أو أكثر لا تطلق، ولو جحده فبرهنت أنه كتبه بيده وقع قضاء كما في البزازية. وإن كان لا على وجه الرسم نحو أن يكتب إن جاء كتابي هذا فأنت طالق فهذا ينوي ويبين الأخرس نيته بكتابته. وقيد صاحب الينابيع الأخرس بكونه ولد أخرس أو طرأ عليه ودام وإن لم يدم لا يقع طلاقه. وقدر التمرتاشي الامتداد هنا بسنة، وذكر الحاكم أبو محمد رواية عن أبي حنيفة فقال: إن دامت العقلة إلى وقت الموت يجوز إقراره بالإشارة ويجوز الاشهاد عليه لأنه عجز عن النطق بمعنى لا يرجى زواله فكان كالأخرس. قال الشارح في آخر الكتاب قالوا: وعليه الفتوى ا ه‍. فعلى هذا إذا طلق من اعتقل لسانه توقف فإن دام به إلى الموت نفذ وإن زال بطل قوله: (أو حرا أو عبدا) للعمومات ولحديث ابن ماجة والدارقطني الطلاق لمن أخد بالساق (1).
قوله: (لا طلاق الصبي والمجنون) تصريح بما فهم سابقا للحديث كل طلاق جائز إلا طلاق الصبي والمجنون. والمراد بالجواز النفاذ كذا في فتح القدير. والأولى أن يراد به الصحة ليدخل تحته طلاق الفضولي فإنه صحيح غير نافذ. أطلق الصبي فشمل العاقل ولو مراهقا لفقد أهلية التصرف خصوصا ما هو دائر بين النفع والضرر. ونقل عن ابن المسيب وابن عمر رضي الله عنهم صحته منه ومثله عن ابن حنبل. قال في فتح القدير: والله أعلم بصحة هذه النقول. وإنما صح إسلامه لأنه حسن لذاته لا يقبل السقوط ونفع له. ولو طلق الصبي ثم بلغ فقال أجزت ذلك الطلاق لا يقع، ولو قال أوقعته وقع لأنه ابتداء إيقاع. كذا في الخانية.
وفي البزازية: لو طلق رجل امرأة الصبي فلما بلغ الصبي قال أوقعت الطلاق الذي أوقعه فلان يقع، ولو قال أجزت ذلك لا يقع. وقال قبله: طلق النائم فلما انتبه قال لها طلقتك
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست