البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٣١
إسلام المكره. وفي الخانية من السير: قيده بأن يكون حربيا وإن كان ذميا لا يكون إسلاما.
وفي القنية: أكره على طلاق امرأته ثلاثا فطلق لم يصر فارا فلا ترث منه.
قوله: (وسكران) أي ولو كان الزوج سكران لأن الشارع لما خاطبه في حال سكره بالأمر والنهي بحكم فرعي عرفنا أنه اعتبره كقائم العقل تشديدا عليه في الأحكام الفرعية، وقد فسروه هنا بمذهب أبي حنيفة وهو من لا يعرف الرجل من المرأة ولا السماء من الأرض، فإن كان معه من العقل ما يقوم به التكليف فهو كالصاحي. والحاصل أن المعتمد في المذهب أن السكران الذي تصح منه التصرفات من لا عقل له يميز به الرجل من المرأة إلى آخره. وبه يبطل قول من ادعى أن الخلاف فيه إنما هو فيه بمعنى عكس الاستحسان والاستقباح مع تمييزه الرجل من المرأة، والعجب ما صرح به في بعض العبارات من أنه معه من العقل ما يقوم به التكليف، ولا شك أن على هذا التقدير لا يتجه لاحد أن يقول لا تصح تصرفاته. وما في بعض نسخ القدوري من تقييد وقوع طلاق المكره والسكران بالنية فليس مذهبا لأصحابنا، ولأنه إذا قال نويت به يجب أن يقع بالاجماع وفي البزازية. قال أمير المؤمنين عثمان رضي الله عنه: لا يقع طلاق السكران وبه أخذ الشافعي والطحاوي والكرخي ومحمد بن سلام ا ه‍. وقد اختاروا قولهما في تفسيره في وجوب الحد وهو الذي أكثر كلامه هذيان، واختاروا في نقض طهارته أنه الذي في مشيته خلل، وكذا في يمينه أن لا يسكر.
أطلقه فشمل من سكر مكرها أو مضطرا فطلق. وقد جزم في الخلاصة بالوقوع معللا بأن زوال العقل حصل بفعل هو محظور في الأصل وإن كان مباحا بعارض الاكراه ولكن السبب الداعي للحظر قائم فأثر قيام السبب في حق الطلاق ا ه‍. وصححه الشمني: وصحح قاضيخان في شرح الجامع الصغير وفتاواه عدم الوقوع، وكذا في غاية البيان معزيا إلى التحفة. وقال في فتح القدير: إنه الأحسن، وفي المحيط: إنه حسن لكنه خلاف إجماع الصحابة رضي الله عنهم فإن بعضهم قالوا لا يقع معذورا أو غير معذور، ومنهم من قال
(٤٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 426 427 428 429 430 431 432 433 434 435 436 ... » »»
الفهرست