بحسب ظنه وإلا فالمذهب للإمام الأعظم وإن لم يظهر دليله لوجوب العمل على المقلد بقول المجتهد من غير نظر في الدليل كما أشار إليه في أول الخانية، ولكن قال في آخر الحاوي القدسي: فإن خالفاه قال بعضهم يؤخذ بقوله، وقال بعضهم يؤخذ بقولهما، وقيل يخير المفتي، والأصح أن العبرة لقوة الدليل ا ه. ولا يخفى قوة دليلهما فإن قوله تعالى * (والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) * (البقرة: 233) يدل على أنه لا رضاع بعد التمام، وأما قوله تعالى * (فإن أراد فصالا عن تراض منهما وتشاور فلا جناح عليهما) * (البقرة: 233) فإنما هو قبل الحولين بدليل تقييده بالتراضي والتشاور وبعدهما لا يحتاج إليهما، وبه يضعف ما في معراج الدراية معزيا إلى المبسوط والمحيط من أنه بعد الحولين فيكون دليلا له لما علمت من ضياع القيدين حينئذ، وأما استدلال صاحب الهداية للإمام بقوله تعالى * (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) * (الأحقاف: 15) بناء على أن المدة لكل منهما وقد قام المنقص في الحمل فبقي الفصال على حاله فقد رجع إلى الحق في باب ثبوت النسب من الثلاثين لهما للحمل ستة أشهر والعامان للفصال. واختلفوا في إباحته بعد المدة واقتصر الشارح على المنع وهو الصحيح كما في شرح المنظومة، وعلى هذا لا يجوز الانتفاع به للتداوي. قال في فتح القدير: وأهل الطب يثبتون للبن البنت أي الذي نزل بسبب بنت مرضعة نفعا لوجع العين. واختلف المشايخ فيه قيل لا يجوز، وقيل يجوز إذا علم أنه يزول به الرمد، ولا يخفى أن حقيقة العلم متعذر فالمراد إذا غلب على الظن وإلا فهو معنى المنع ا ه. ولا يخفى أن التداوي بالمحرم لا يجوز في ظاهر المذهب، أصله بول ما يؤكل لحمه فإنه لا يشرب أصلا. وفي الجوهرة: وللأب إجبار أمته على فطام ولدها منه قبل الحولين إذا لم يضره الفطام كما له أن يجبرها على الارضاع، وليس له أن يأمر زوجته الحرة على الفطام قبلهما لأن لها حق التربية إلى تمام مدة الارضاع إلا أن تختار هي ذلك كما أنه ليس له إجبارها على الارضاع ا ه. وفي البزازية: والرضاع في دار الاسلام ودار الحرب سواء حتى إذا رضع في دار الحرب أسلموا وخرجوا إلى دارنا ثبتت أحكام الرضاع فيما بينهم ا ه.
قوله: (إلا أم أخته وأخت ابنه) يعني فإنهما يحلان من الرضاع دون النسب. أطلق المضاف والمضاف إليه ففي أم أخته ثلاث صور: الأولى الام رضاعا والأخت نسبا بأن أرضعت أجنبية أخته نسبا ولم ترضعه. الثانية عكسه أن يكون لأخته رضاعا أم من النسب.
الثالثة أن يكونا رضاعا بأن أرضعت امرأة صبيا وصبية ولهذه الصبية أم أخرى من الرضاع لم ترضع الصبي. وفي أخت ابنه ثلاث أيضا: فالأولى أن تكون الأخت رضاعا فقط بأن كان له ابن من النسب ولهذا الابن أخت من الرضاعة ارتضعا على غير امرأة أبيه. والثانية أن يكون الابن رضاعا فقط وله أخت من النسب. والثالثة أن يكونا رضاعا. ومراده من الابن الولد فيشمل البنت. وفي شرح الوقاية فإن قيل: قوله إلا أم أخته إن أريد بالام الام رضاعا