ولا شك في حل أمهما لما قلنا. ولا بد من تقييد الأب بالرضاع، وكذا الام وإلا لا تحل أمهما. ومن العجب أن الشارح حمل كلام الغاية على هذه الصورة وأخل بهذا القيد، ويرد عليه أنه لو أريد بالعم من الرضاع من رضع مع أبيه نسبا وبالخال من رضع مع أمه نسبا لم يستقم. فإن قلت: قد قررت أنه لا يصح اتصاله بالمضاف إليه فقط فيلزم بطلان قول شارح الوقاية ولا تنس الصور الثلاث في جميع ما ذكرنا وعدم صحة تقسيم ابن وهبان إلى نيف وستين لاسقاط هذه الصورة من هذا القسم. قلت: لم يلزما لأنه لا يصح اتصاله بالمضاف إليه فقط على الوجه الرابع لا على الوجه الأول فلاتصاله بالمضاف إليه فقط صورتان: في صورة لا تحل الام، وفي صورة تحل. فيحمل كلامهم على الصورة التي تحل تصحيحا وتوفيقا. وهذا البيان من خواص هذا الكتاب لم أسبق إليه بحول الله وقوته. وفي فتح القدير: ثم قالت طائفة هذا الاخراج تخصيص للحديث أعني يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب بدليل العقل، والمحققون على أنه ليس تخصيصا لأنه أحال ما يحرم بالرضاع على ما يحرم بالنسب هو ما يحرم بالنسب وما تعلق به خطاب تحريمه وقد تعلق بما عبر عنه بلفظ الأمهات والبنات وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات الأخ وبنات الأخت، فما كان من مسمى هذه الألفاظ متحققا من الرضاع حرم فيه والمذكورات ليس شئ منها من مسمى تلك، فكيف تكون مخصصة وهي غير متناولة؟ ولذا إذا خلا تناول الاسم في النسب جاز النكاح كما إذا ثبت النسب من اثنين ولكل منهما بنت جاز لكل منهما أن يتزوج بنت الآخر وإن كانت أخت ولده من النسب، وأنت إذا حققت مناط الاخراج أمكنك تسمية صور أخرى. والاستثناء في عبارة الكتاب على هذا يجب أن يكون منقطعا أعني قوله يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب إلا أم أخته إلى آخره ا ه. وبهذا اندفع ما ذكره البيضاوي بقوله:
واستثناء أخت ابن الرجل وأم أخيه من الرضاع من هذا الأصل ليس بصحيح فإن حرمتهما في النسب بالمصاهرة دون النسب ا ه. لأن استثناء المنقطع صحيح إلا أن يريد الاستثناء المتصل.
قوله: (زوج مرضعة لبنها منه أب للرضيع وابنه أخ وبنته أخت وأخوه عم وأخته عمة) بيان لأن لبن الفحل يتعلق به التحريم لعموم الحديث المشهور، وإذا ثبت كونه أبا له لا يحل لكل منهما موطوءة الآخر. والمراد به اللبن الذي نزل من المرأة بسبب ولادتها من رجل زوج أو سيد فليس الزوج قيدا في كلامه. قال في الجوهرة: وإنما خرج مخرج الغالب، وإذا ثبتت هذه الحرمة من زوج المرضعة فمنها أولى فلا تتزوج الصغيرة أبا المرضعة لأنه جدها لامها،