البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ٤٠٠
قوله: (والشاة) أي لبن الشاة لا يوجب الحرمة حتى لو ارتضع صبي وصبية على لبن شاة فلا أخوة بينهما لأن الأمومة لا تثبت به لأنه لا حرمة له، ولان لبن البهائم له حكم الطعام فلا فرق بين الشاة وغيرها من غير الآدمي. قيد بالثلاثة لأن الوجور والسعوط تثبت به الحرمة اتفاقا.
وإنما يفسد الصوم بما ذكر ما عدا الأقطار في الإحليل لأن الفطر يتعلق بالوصول إلى الجوف.
والوجور بفتح الواو والدواء يصب في الحلق ويقال أوجرته ووجرته، والسعوط صبه في الانف.
وفي المصباح: والسعوط مثال رسول دواء يصب في الانف، والسعوط مثل قعود مصدر، وأسعطه الدواء يتعدى إلى مفعولين، واستعط زيد والمسعط بضم الميم الوعاء يجعل فيه السعوط وهو من النوادر التي جاءت بالضم وقياسها الكسر لأنه اسم آلة. وإنما ضمت الميم ليوافق الأبنية الغالبة مثل فعلل ولو كسرت أدى إلى بناء مفقود إذ ليس في الكلام مفعل ولا فعلل بكسر الأول وضم الثالث ا ه‍. وقد حكي في المبسوط والكشف الكبير أن البخاري صاحب الاخبار دخل بخارى وجعل يفتي فقال له أبو حفص الكبير: لا تفعل فأبى أن يقبل نصيحته حتى استفتى في هذه المسألة فأفتى بثبوت الحرمة بين صبيين ارتضعا من ثدي لبن شاة تمسكا بقوله عليه السلام كل صبيين اجتمعا على ثدي واحد حرم أحدهما على الآخر وقد أخطأ لفوات الرأي وهو أنه لم يتأمل أن الحكم متعلق بالجزئية والبعضية فأخرجوه من بخارى. وفي فتح القدير. بعد هذه الحكاية: ومن لم يدق نظره في مناط الأحكام وحكمها كثر خطؤه وكان ذلك في زمن الشيخ أبي حفص الكبير ومولده مولد الشافعي فإنهما ولدا معا في العام الذي توفي فيه أبو حنيفة وهو سنة خمسين ومائة اه‍ قوله: (ولو أرضعت ضرتها حرمتا) أي لو أرضعت الكبيرة الصغيرة التي هي زوجة زوجها حرمتا على الزوج لأنه يصير جامعا بين الام والبنت رضاعا ففسد نكاحهما، ولم ينفسخ لأن المذهب عند علمائنا أن النكاح لا يرتفع بحرمة الرضاع والمصاهرة بل يفسد حتى لو وطئها قبل التفريق لا يجب عليه الحد، اشتبه الامر أو لم يشتبه. نص عليه محمد في الأصل، وذكره الشارح في باب اللعان. وعلى هذا فقوله في المعراج فينفسخ النكاح لا يخالفه لأن الانفساخ غيره. وفي البزازية: وبثبوت حرمة المصاهرة وحرمة الرضاع لا يرتفع بهما النكاح حتى لا تملك المرأة التزوج بزوج آخر إلا بعد المتاركة وإن مضى عليه سنون ا ه‍. وقدمنا أنه لا بد في الفاسد من تفريق القاضي أو المتاركة بالقول في المدخولة وفي غيرها يكتفى بالمفارقة بالأبدان. وينبغي أن يكون الفساد في الرضاع الطارئ على النكاح، أما
(٤٠٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 405 ... » »»
الفهرست