البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٩٦
صدق لأنه ليس له حق القبض فإذا قبض بأمر الزوج كان أمانة للزوج عنده فيصدق في رد الأمانة عليه كالمودع إذا قال رددت الوديعة ا ه‍. وفي الذخيرة: للأب المخاصمة مع الزوج في مهر البكر البالغة كما له أن يقبضه، ولا يشترط إحضار المرأة للاستيفاء عندنا خلافا لزفر.
فإن قال الزوج للقاضي مر الأب فليقبض المهر مني وليسلم الجارية إلي فإن القاضي يقول له اقبض المهر وادفعها إليه، فإن امتنع الأب من ذلك ليس على الزوج دفعه إليه، ولو قال الأب ليست في منزلي ولا أعرف مكانها فليس على الزوج دفعه أيضا، وإن قال الأب هي في منزلي وإنما أقبض المهر وأجهزها به وأسلمها إليه فالقاضي يأمر الزوج بالدفع إليه فإنه طلب الزوج كفيلا بالمهر فالقاضي يأمر الأب بكفيل بالمهر، فإذا أتى بكفيل أمر الزوج بدفع المهر، فإن سلم البنت إليه برئ الكفيل، وإن عجز عن ذلك توصل الزوج إلى حقه بالكفيل فيعتدل النظر من الجانبين، وهكذا كان يقول أبو يوسف أولا ثم رجع وقال: القاضي يأمر الأب أن يجعل المرأة مهيأة للتسليم ويحضرها ويأمر الزوج بدفع المهر والأب بتسليم البنت فيكون دفع الزوج المهر عند تسليمها نفسها إلى الزوج لأن النظر لا يحصل للزوج بالكفالة لأنه لا يصل إلى المرأة لا محالة بالكفالة، وإنما النظر في تسليم المهر بحضرتها. قال الخصاف: وهذا أحسن القولين ا ه‍. وفي الخلاصة: الأب إذا جعل بعض مهر البنت آجلا والبعض عاجلا ووهب البعض كما هو المعهود ثم قال إن لم تجز البنت الهبة فقد ضمنت من مالي أن أؤدي قدر الهبة لا يصح هذا الضمان ا ه‍.
قوله: (وإن استأذنها الولي فسكتت أو ضحكت أو زوجها فبلغها الخبر فسكتت فهو إذن) لقوله عليه الصلاة والسلام البكر تستأمر في نفسها فإن سكتت فقد رضيت ولان حيثية الرضا فيه راجحة لأنها تستحي عن إظهار الرغبة لا عن الرد، والضحك أدل على الرضا من السكوت. والأصل أن سكوت البكر للاستئمار وكالة وللعقد إجازة كما ذكره الأسبيجابي، فالاذن في عبارة المختصر مشترك بين الوكالة والإجازة، ففي المسألة الأولى توكيل، وفي الثانية إجازة. ويتفرع على كونه توكيلا أن الولي لو استأذنها في رجل معين فقالت يصلح أو سكتت ثم لما خرج قالت لا أرضى ولم يعلم الولي بعدم رضاها فزوجها فهو صحيح كما في الظهيرية، لأن الوكيل لا ينعزل حتى يعلم. وليس السكوت إذنا حقيقيا لما في الخانية من الايمان: إذا حلفت أن لا تأذن في تزويجها فسكتت عند الاستئمار لا تحنث ا ه‍. والمراد بالولي من له ولاية استحباب لأن الكلام في البالغة العاقلة فيفيد أنه ليس لها ولي
(١٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 191 192 193 194 195 196 197 198 199 200 201 ... » »»
الفهرست