البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٣ - الصفحة ١٠٨
العقاب لا التخفيف في طريق الاسقاط. وإذا جازت النيابة في المالية مطلقا فالعبرة لنية الموكل لا لنية الوكيل، وسواء نوى الموكل وقت الدفع إلى الوكيل أو وقت دفع الوكيل إلى الفقراء أو فيما بينهما، ولهذا قال في الفتاوى الظهيرية من فصل مصارف الزكاة: رجل دفع إلى رجل دراهم ليتصدق بها على الفقراء تطوعا فلم يتصدق المأمور حتى نوى الآمر عن الزكاة من غير أن يتلفظ به، ثم تصدق المأمور جاز عن الزكاة، وكذا لو أمره أن يعتق عبدا تطوعا نوى الآمر عن الكفارة قبل إعتاق المأمور عن التطوع ا ه‍. ولهذا لا تعتبر أهليه النائب حتى لو وكل المسلم ذميا في دفع الزكاة جاز كما في كشف الاسرار شرح أصول فخر الاسلام.
قوله: (والشرط العجز الدائم إلى وقت الموت) أي الشرط في جواز النيابة في المركب عجز المستنيب عجزا مستمرا إلى موته لأن الحج فرض العمر فحيث تعلق به خطابه لقيام مشروط وجب عليه أن يقوم بنفسه في أول سني الامكان، فإذا أخر أثم وتقرر القيام بنفسه في ذمته في مدة عمره، وإن كان غير متصف بالشروط، فإذا عجز عن ذلك في مدة عمره رخص له الاستنابة رحمة وفضلا فحيث قدر عليه وقتا من عمره بعد ما استنابه فيه لعجز لحقه ظهر انتفاء شرط الرخصة. ثم ظاهر ما في المختصر أنه لا فرق بين أن يكون المرض يرجى زواله أو لا يرجى زواله كالزمانة والعمى، فلو أحج الزمن أو الأعمى ثم صح وأبصر لزمه أن يحج بنفسه، وبسبب هذا صرح المحقق في فتح القدير به وليس بصحيح، بل الحق التفصيل، فإن كان مرضا يرجى زواله فأحج فالامر مراعى، فإن استمر العجز إلى الموت سقط الفرض عنه وإلا فلا. وإن كان مرضا لا يرجى زواله كالعمى فأحج غيره سقط الفرض عنه، سواء استمر ذلك العذر أو زال. صرح به في المحيط وفتاوى قاضيخان والمبسوط، وصرح في معراج الدراية بأنه إذا حج الأعمى غيره ثم زال العمى لا يبطل الاحجاج ا ه‍.
وقيد بالعجز الدائم لأنه لو أحج وهو صحيح ثم عجز واستمر لا يجزئه لفقد الشرط، ويشكل عليه ما في التجنيس وفتاوى قاضيخان وغيرهما أنه لو قال لله علي ثلاثون حجة فأحج ثلاثين نفسا في سنة واحدة إن مات قبل أن يجئ وقت الحج جاز عن الكل لأنه لم تعرف قدرته بنفسه عند مجئ وقت الحج، وإن جاء وقت الحج وهو يقدر بطلبت حجته لأنه
(١٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 103 104 105 106 107 108 109 110 111 112 113 ... » »»
الفهرست