البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٧
يقضي اليوم الأول لوجود الصوم فيه وهو الامساك المقرون بالنية إذ الظاهر وجودها منه، ويقضي ما بعده لانعدام النية. ولا فرق بين أن يحدث الاغماء في الليل أو في النهار في أنه لا يقضي اليوم الأول، وإنما ذكر المصنف حدوثه في ليلته ليعلم حكم ما إذا حدث في اليوم بالأولى لوجود الامساك وهو ليس بمغمى عليه. وأشار إلى أن الاغماء لو كان في شعبان قضاه كله لعدم النية، وإلى أنه لو كان متهتكا يعتاد الاكل في رمضان أو مسافرا قضاه كله لعدم ما يدل على وجود النية قوله (وبجنون غير ممتد) أي يقضيه إذا فاته بجنون غير ممتد وهو أن لا يستوعب الشهر، والممتد هو أن يستوعب الشهر، وهو مسقط للحرج بخلاف ما دونه لأن السبب قد وجد وهو الشهر والأهلية بالذمة. وفي الوجوب فائدة وهو صيرورته مطلوبا على وجه لا يحرج في أدائه بخلاف المستوعب فإنه يحرج في أدائه فلا فائدة فيه، الاغماء لا يستوعب الشهر عادة فلا حرج وإلا كان ربما يموت فإنه لا يأكل ولا يشرب، أطلقه فشمل الجنون الأصلي والعارض وهو ظاهر الرواية، وعن محمد أنه فرق بينهما لأنه إذا بلغ مجنونا التحق بالصبي فانعدم الخطاب بخلاف ما إذا بلغ عاقلا ثم جن وهذا مختار بعض المتأخرين.
ودخل تحت غير الممتد ما إذا أفاق آخر يوم من رمضان، سواء كان قبل الزوال أو بعده، فإنه يلزمه قضاء جميع الشهر خلافا لما في غاية البيان عن حميد الدين الضرير أنه قال: إذا أفاق بعد الزوال في آخر يوم من رمضان لا يلزمه شئ. وصححه في النهاية والظهيرية لأن الصوم لا يصح فيه كالليل. اعلم أن الجنون ينافي النية التي هي شرط العبادات فلا يجب مع الممتد منه مطلقا للحرج وما لا يمتد جعل كالنوم لأن الجنون لا ينفي أصل الوجوب إذ هو بالذمة وهي ثابتة له باعتبار آدميته حتى ورث وملك وكان أهلا للثواب كأن نوى صوم الغد بعد غروب الشمس فجن فيه ممسكا كله صح فلا يقضي لو أفاق بعده وصح إسلامه تبعا، وإذا كان المسقط الحرج لزم اختلاف الامتداد المسقط فقدر في الصلاة بالزيادة على يوم وليلة عندهما، وعند محمد وصيرورة الصلاة ستا وهو أقيس لكنهما أقاما الوقت مقام الواجب كما في
(٥٠٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 512 ... » »»
الفهرست