البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥٠٦
صوم رمضان في أول النهار مانع من الوجوب أو مبيح للفطر ثم زال عذره وصار بحال لو كان عليه في أول النهار لوجب عليه الصوم لا يباح له الفطر كالصبي إذا بلغ، والكافر إذا أسلم، والمجنون إذا أفاق، والحائض إذا طهرت، والمسافر إذا قدم، وكذا كل من وجب عليه الصوم لوجود سبب الوجوب والأهلية ثم تعذر عليه المضي بأن أفطر متعمدا أو أصبح يوم الشك مفطرا ثم تبين أنه من رمضان أو تسحر على ظن أن الفجر لم يطلع ثم تبين أنه طالع، فإنه يجب عليه الامساك تشبها. فقد جعل لوجوب الامساك أصلين، وجعل بعض الفروع مخرجة على أصل وبعضها على آخر فلا إيراد أصلا والله الموفق. وفي الفتاوى الظهيرية: صبي بلغ قبل الزوال ونصراني أسلم ونويا الصوم قبل الزوال لا يجوز صومهما عن الفرض غير أن الصبي يكون صائما عن التطوع بخلاف الكافر لفقد الأهلية في حقه. وعن أبي يوسف: إن الصبي يجوز صومه عن الفرض. وقيل: جوابه في الكافر كذلك. إليه أشار في المنتقي. ثم في ظاهر الرواية فرق بين هذا وبين المجنون إذا أفاق في نهار رمضان قبل الزوال ولم يكن أكل شيئا ونوى الصوم جاز عن الفرض لأن الجنون إذا لم يستوعب كان بمنزلة المرض والمرض لا ينافي وجوب الصوم بخلاف الصبي والكفر والحيض لأنها منافية للصوم اه‍.
قوله (ولو نوى المسافر الافطار ثم قدم ونوى الصوم في وقته صح) إن نوى قبل انتصاف النهار لأن السفر لا ينافي أهلية الوجوب ولا صحة الشروع. أطلق الصوم فشمل الفرض الذي لا يشترط فيه التبييت والنفل وحيث أفاد صحة صوم الفرض لزم عليه صومه إن كان في رمضان لزوال المرخص في وقت النية، ألا ترى أنه لو كان مقيما في أول اليوم ثم سافر لا يباح له الفطر ترجيحا لجانب الإقامة فهذا أولى إلا أنه إذا أفطر في المسألتين لا كفارة عليه لقيام شبهة المبيح، وكذا لو نوى المسافر الصوم ليلا وأصبح من غير أن ينقض عزيمته قبل الفجر ثم أصبح صائما لا يحل فطره في ذلك اليوم ولو أفطر لا كفارة عليه.
وأشار إلى أنه لو لم ينو الافطار وإنما قدم قبل الزوال والاكل فالحكم كذلك بالأولى لأن الحكم إذا كان الصحة مع نية المنافي فمع عدمها أولى، ولان نية الافطار لا عبرة بها حتى لو نوى الصائم الفطر ولم يفطر لا يكون مفطرا، وكذا لو نوى التكلم في الصلاة ولم يتكلم لا تفسد صلاته كما في الظهيرية قوله (ويقضي باغماء سوى يوم حدث في ليلته) لأنه نوع مرض يضعف لقوى ولا يزيل الحجى فيصير عذرا في التأخير لا في الاسقاط. وإنما لا
(٥٠٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 501 502 503 504 505 506 507 508 509 510 511 ... » »»
الفهرست