البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٩١
باب صلاة الكسوف مناسبته للعيد هو أن كلا منهما يؤدي بالجماعة نهارا بغير أذان ولا إقامة. وأخرها عن العيد لأن صلاة العيد واجبة على الأصح. يقال كسفت الشمس تكسف كسوفا وكسفها الله كسفا يتعدى ولا يتعدى. قال جرير يرثي عمر بن عبد العزيز:
الشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل والقمرا أي ليست تكسف ضوء النجوم مع طلوعها لقلة ضوئها وبكائها عليك ولأجل ذلك لم يظهر لها نور، فعلى هذا انتصب قوله نجوم على المفعول به والقمر معطوف عليه، وتمامه في السراج الوهاج. ومنهم من جعل الكسوف للشمس والقمر، ومنهم من جعل الكسوف للشمس والخسوف للقمر. والأصل في صلاة الكسوف حديث البخاري إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد من الناس ولكنهما آيتان من آيات الله فإذا رأيتموها فصلوا (1) وفي رواية فادعوا قوله: (يصلي ركعتين كالنفل إمام الجمعة) بيان لمقدارها ولصفة أدائها. أما مقدارها فذكر أنها ركعتان وهو بيان لأقلها، ولذا قال في المجتبي: إن شاؤوا صلوها ركعتين أو أربعا أو أكثر كل ركعتين بتسليمه أو كل أربع. وأما صفة أدائها فهي صفة أداء النفل من أن كل ركعة بركوع واحد وسجدتين ومن أنه لا أذان له ولا إقامة ولا خطبة وينادي الصلاة جامعة ليجتمعوا إن لم يكونوا اجتمعوا، ومن أنها لا تصلى في الأوقات المكروهة، ومن أنه لا يكره تطويل القيام والركوع والسجود والأدعية والأذكار الذي هو من خصائص النوافل.
واحترز بقوله كالنفل عن قول أبي يوسف فإنه قال: كهيئة صلاة العيد. وتقييده بإمام الجمعة بيان للمستحب. قال القاضي الأسبيجابي: ويستحب في كسوف الشمس ثلاثة أشياء:
الإمام والوقت والموضع. إما الإمام فالسلطان أو القاضي ومن له ولاية إقامة الجمعة والعيدين، وأما الوقت فهو الذي يباح فيه التطوع والموضع الذي يصلي فيه صلاة العيد أو المسجد الجامع ولو صلوا في موضع آخر أجزأهم ولكن الأول أفضل، ولو صلوا وحدانا في منازلهم جاز ويكره أن يجمع في كل ناحية اه‍. وبه اندفع ما في السراج الوهاج أن في ذكر الإمام إشارة إلى
(٢٩١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 286 287 288 289 290 291 292 293 294 295 296 ... » »»
الفهرست