كتاب الصوم أخره عن الزكاة وإن كان عبادة بدنية مقدمة على المالية لقرانها بالصلاة في آيات كثيرة، وذكر محمد رحمه الله الصوم عقب الصلاة في الجامع الكبير والصغير نظرا لما قلنا. وهو في اللغة ترك الانسان الاكل وإمساكه عنه ثم جعل عبارة عن هذه العبادة المخصوصة. ومن مجازه صام الفرس على آريه إذا لم يعتلف. ومنه قول النابغة خيل صيام كذا في المغرب. وفي الشرع ما سيذكره المصنف ولو قال كتاب الصيام لكان أولى لما في الفتاوي الظهيرية: لو قال لله علي صوم فعليه صوم يوم واحد، ولو قال فعلي صيام عليه صيام ثلاثة أيام كما في قوله تعالى * (ففدية من صيام) * (البقرة: 196) ا ه. وركنه حقيقته الشرعية التي هي الامساك المخصوص، وسببه مختلف ففي المنذور النذر ولذا قلنا: لو نذر صوم شهر بعينه كرجب أو يوما بعينه فصام غيره أجزأ عن المنذور لأنه تعجيل بعد وجود السبب وفيه خلاف محمد كما في المجمع. وصوم الكفارات سببه ما يضاف إليه من الحنث والقتل والظهار والفطر، وسبب رمضان شهود جزء من الشهر اتفاقا لكن اختلفوا فذهب السرخسي إلى أن السبب مطلق شهود الشهر حتى استوى في السببية الأيام والليالي. وذهب الدبوسي وفخر الاسلام وأبو اليسر إلى أن السبب الأيام دون الليالي أي الجزء الذي لا يتجزأ من كل يوم سبب لصوم ذلك
(٤٤٧)