البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٣٧
الطحاوي من سأل الناس عن ظهر غنى فإنه يستكثر من جمر جهنم. قلت: يا رسول الله وما ظهر غنى؟ قال: أن يعلم أن عند أهله ما يغديهم وما يعشيهم (2) قيدنا بسؤال القوت لأن سؤال الكسوة المحتاج إليها لا يكره وقيدنا بالسؤال لأن الاخذ لمن ملك أقل من نصاب جائز بلا سؤال كما قدمناه وقيد بمن له القوت لأن السؤال لمن لا قوت يومه له جائز ولا يرد عليه القوى المكتسب فإنه لا يحل سؤال القوت له إذا لم يكن له قوت يومه لأنه قادر بصحته واكتسابه على قوت اليوم فكأنه مالك له. واستثنى من ذلك في غاية البيان الغازي فإن طلب الصدقة جائز له وإن كان قويا مكتسبا لاشتغاله بالجهاد عن الكسب اه‍. وينبغي أن يلحق به طالب العلم لاشتغاله عن الكسب بالعلم ولهذا قالوا: إن نفقته على أبيه وإن كان صحيحا مكتسبا كما لو كان زمنا. وإذا حرم السؤال عليه إذا ملك قوت يومه فهل يحرم الاعطاء له إذا علم حاله؟ قال الشيخ أكمل الدين في شرح المشارق: وأما الدفع إلى مثل ذلك السائل عالما بحاله فحكمه في القياس أن يأثم بذلك لأنه إعانة على الحرام لكنه يجعل هبة وبالهبة للغني أو لمن لا يكون محتاجا إليه لا يكون آثما اه‍.
ويلزم عليه أن الصدقة على من ملك قوت يومه فقط تكون هبة حتى يثبت فيها أحكام الهبة من صحة الرجوع فإنهم قالوا: الصدقة على الغني هبة فله الرجوع بخلافها على الفقير وهو بعيد. فإن الظاهر أن مرادهم بالغني من ملك نصابا لكن يمكن دفع القياس المذكور بأن الدفع ليس إعانة على الحرام لأن الحرمة في الابتداء إنما هي بالسؤال وهو متقدم على الدفع ولا يكون الدفع إعانة إلا لو كان الاخذ هو المحرم فقط فليتأمل والله تعالى أعلم.
باب صدقة الفطر لما كان لها مناسبة بالزكاة لكونها عبادة مالية، وبالصوم لأن شرط وجوبها الفطر بعد الصوم، ذكرها بينهما. والصدقة العطية التي يراد بها المثوبة عنده تعالى، وسميت بها لأنها تظهر صدق رغبة الرجل في تلك المثوبة كالصداق يظهر به صدق رغبة الزوج في المرأة. والفطر
(٤٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 432 433 434 435 436 437 438 439 440 441 442 ... » »»
الفهرست