باب المصرف هو في اللغة المعدل قال تعالى * (ولم يجدوا عنها مصرفا) * (الكهف: 53) كذا في ضياء الحلوم. ولم يقيده في الكتاب بمصرف الزكاة ليتناول الزكاة والعشر وخمس المعادن مما قدمه كما أشير إليه في النهاية. وينبغي إخراج خمس المعادن لأن مصرفه الغنائم كما صرح به الأسبيجابي وغيره. وقد ذكر الأصناف السبعة وسكت عن المؤلفة قلوبهم للإشارة إلى السقوط للاجماع الصحابي وهو من قبيل انتهاء الحكم لانتهاء علته الغائية التي كان لأجلها الدفع فإن الدفع كان للاعزاز وقد أعز الله الاسلام وأغنى عنهم، واختار في العناية أنه ليس من باب النسخ لأن الاعزاز الآن في عدم الدفع فهو تقرير لما كان لا نسخ. وتعقبه في فتح القدير بأن هذا لا ينفي النسخ لأن الإباحة الدفع إليهم حكم شرعي كان ثابتا وقد ارتفع وهم كانوا ثلاثة أقسام: قسم كان الاعطاء ليتألفهم على الاسلام، وقسم كان يعطيهم لدفع شرهم، وقسم أسلموا وفيهم ضعف فكان يتألفهم ليثبتوا ولا يقال إن نسخ الكتاب بالاجماع لا يجوز لأن الناسخ دليل الاجماع لا هو بناء على أنه لا إجماع إلا عن مستند، فإن ظهر وإلا وجب الحكم بأنه ثابت على أن الآية التي ذكرها عمر رضي الله عنه تصلح لذلك وهو قوله تعالى * (وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) * (الكهف: 29) قوله: (هو الفقير والمسكين وهو أسوأ حالا من الفقير) أي المصرف الفقير والمسكين، والمسكين أدنى حالا.
وفرق بينهما في الهداية وغيرها بأن الفقير من له أدنى شئ، والمسكين من لا شئ له، وقيل على العكس ولكل وجه والأول هو الأصح وهو المذهب. كذا في الكافي. والأولى أن يفسر الفقير بمن له ما دون النصاب كما في النقاية أخذا من قولهم يجوز دفع الزكاة إلى من يملك ما دون النصاب أو قدر نصاب غير نام وهو مستغرق في الحاجة. ولا خلاف في أنهما صنفان هو الصحيح لأن العطف في الآية يقتضي المغايرة، وإنما الخلاف في أنهما صنفان أو صنف واحد في غير الزكاة كالوصية والوقف والنذر فقال أبو حنيفة بالأول وهو الصحيح كما في غاية البيان، وأبو يوسف بالثاني، فلو أوصي بثلث ماله لفلان وللفقراء والمساكين