السبب عليه وهو الليل، وأما على اختيار غيره من أن السببية خاصة بالأيام وأن الليالي لا دخل لها في السببية، فلان لزوم تقدم السبب إنما هو عند الامكان، أما عند عدم الامكان فلا والصوم منه لأن وقته معيار له مقدر به يزيد بزيادته وينقص بنقصانه فلا يمكن أن يكون الجزء الأول خاليا عن الصوم ليكون سببا متقدما، ولا يمكن أن يكون ما قبله سببا لعدم الصلاحية فلزم فيه مقارنة السبب للمسبب، وقد صرح بأن السبب في الصوم مقارن للمسبب صاحب كشف الاسرار شرح أصول فخر الاسلام البزدوي بخلاف وقت الصلاة فإنه ظرف فأمكن تقدم السبب على الحكم حتى لو لم يمكن بأن شرع في الجزء الأول سقط اشتراط تقدم السبب وجوزت المقارنة إذ لا يمكن جعل ما قبل بالوقت سببا.
وذكر بعض المتأخرين من الأصوليين أن السبب في الصوم اليوم الكامل لا الجزء منه، ولا شك في المقارنة على هذا. وأشار المصنف بالمسألتين إلى أصل وهو أن كل من صار في آخر النهار بصفة لو كان في أول النهار عليها للزمه الصوم فعليه الامساك كالحائض والنفساء تطهر بعد طلوع الفجر أو معه، والمجنون يفيق، والمريض يبرأ، والمسافر يقدم بعد الزوال أو الاكل. والذي أفطر عمدا أو خطأ أو مكرها أو أكل يوم الشك ثم استبان أنه من رمضان أو أفطر وهو يرى أن الشمس قد غربت أو تسحر بعد الفجر ولم يعلم ومن لم يكن على تلك الصفة لم يجب الامساك كما في حالة الحيض والنفاس. ثم قيل: الحائض تأكل سرا لا جهرا، وقيل تأكل سرا وجهرا، وللمريض والمسافر الاكل جهرا. كذا في النهاية. وغير في فتح القدير عبارة هذا الأصل فقال: كل من تحقق بصفة في أثناء النهار أو قارن ابتداء وجودها طلوع الفجر وتلك الصفة بحيث لو كانت قبله واستمرت معه وجب عليه الصوم فإنه يجب عليه الامساك تشبها. قال: وقلنا كل من تحقق ولم نقل من صار بصفة إلى آخره يعني كما في النهاية يشمل من أكل عمدا في نهار رمضان لأن الصيرورة للتحول ولو لامتناع ما يليه ولا يتحقق المفاد بهما فيه اه. والحاصل أن من أكل عمدا في نهار رمضان لم يدخل تحت عبارة النهاية باعتبار أنه لم يتجدد له حالة بعد فطره لم يكن عليها قبله وكلمة صار تفيد التحول من حالة إلى أخرى بخلاف تحقق، ولا يخفى أن ما هرب منه وقع فيه لأنه وإن غير صار إلى تحقق أتى بكلمة لو المفيدة لامتناع ما يليه المفيدة أن الصفة لم تكن موجودة أول اليوم فلا يشمل كلامه من أكل عمدا فليتأمل. فظهر من هذا أن من كان أهلا للصوم في أوله كمن أكل عمدا لا يدخل تحت الضابط أصلا على كل منهما، وإنما أدرجوه في هذا الأصل وإن لم يدخل تحته باعتبار أن حكمه وجوب الامساك تشبها فهو مثله لأن غرضهم بيان الأحكام.
وعبارة البدائع أولى وهي: أما وجوب الامساك تشبها بالصائمين فكل من كان له عذر في