البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٧٢
الإعادة حيث لم يغلب على ظنه دفع قدر معين لأنه ثابت في ذمته بيقين فلا يخرج عن العهدة بالشك والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب وإليه المرجع والمآب.
باب صدقة السوائم أي زكاتها قالوا: حيث أطلقت الصدقة في الكتاب العزيز فالمراد بها الزكاة. وبدأ أكثرهم ببيان السوائم اقتداء بكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنها كانت مفتتحة بها ولكونها أعز أموال العرب. والسوائم جمع سائمة ولها معنيان: لغوي وفقهي. قال في المغرب، سامت الماشية رعت سوما وأسامها صاحبها أسامة، والسائمة عن الأصمعي كل إبل ترسل ترعي ولا تعلف في الأهل اه‍. وفي ضياء الحلوم: السائمة المال الراعي قوله (هي التي تكتفي بالرعي في أكثر السنة) بيان للسائمة بالمعنى الفقهي لأن اسم السائمة لا يزول بالعلف اليسير ولأنه لا يمكن الاحتراز عنه. قيد بالأكثر لإفادة أنه لو علفها نصف الحول فإنها لا تكون سائمة فلا زكاة فيها لوقوع الشك في السبب لأن المال إنما صار سببا بوصف الإسامة فلا يجب الحكم مع الشك.
اعترض في النهاية بأن مرادهم تفسير السائمة التي فيها الحكم المذكور فهي تعريف بالأعم إذ بقي قيد كون ذلك لغرض النسل والدر والتسمين وإلا فيشمل الإسامة لغرض الحمل والركوب وليس فيها زكاة وأقره عليه في فتح القدير. وقد يجاب بأنهم إنما تركوا القيد لتصريحهم بعد ذلك بأن ما كان للحمل والركوب فإنه لا شئ فيه، وصرحوا أيضا بأن العروض إذا كانت للتجارة يجب فيها زكاة التجارة وقالوا: إن العرض خلاف النقد فيدخل فيه الحيوانات. وحاصله أنه إن أسامها للحمل أو للركوب فلا زكاة أصلا، أو للتجارة ففيها زكاة التجارة، أو للدر والنسل ففيها الزكاة المذكورة في هذا الباب. وفي المحيط: ولو اشتراها للتجارة ثم جعلها سائمة يعتبر الحول من وقت الجعل لأن حول زكاة التجارة يبطل بجعلها للسوم لأن زكاة السوائم وزكاة التجارة مختلفان قدرا وسببا فلا يبني حول أحدهما على الآخر اه‍. فإن قلت: قد اقتصر الزيلعي وغيره على أن المراد بها التي تسام للدر والنسل فيفيد أنها لو كانت كلها ذكورا لا تجب الزكاة فيها، والمصرح به في البدائع والمحيط أنه لا فرق بين
(٣٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 367 368 369 370 371 372 373 374 375 376 377 ... » »»
الفهرست