البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٥١٢
عن أبي سعيد مسندا السحور كله بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة من ماء فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين (1) والبركة في الحديث لغة الزيادة والنماء، والزيادة فيه على وجوه: زيادة في القوة على أداء الصوم، وزيادة في إباحة الاكل واشرب وزيادة على الأوقات التي يستجاب فيها الدعاء كذا أذكره الكلاباذي وبينها في غاية البيان.
وفي البزازية: ويستحب تعجيل الافطار إلا في يوم غيم، ولا يفطر ما لم يغلب على ظنه غروب الشمس وإن أذن المؤذن اه‍. وذكر قبله: شهدا أنها غربت وآخران بأنها لم تغرب وأفطر ثم بان عدم الغروب قضى ولا كفارة عليه بالاتفاق. شهدا على طلوع الفجر وآخر أن على عدم الطلوع فأكل ثم بان الطلوع قضى وكفر وفاقا لأن البينات للاثبات لا للنفي حتى قبل شهادة المثبت لا النافي. ولو واحد على طلوعه وآخر أن على عدمه لا كفارة عليه. دخلوا عليه وهو يتسحر فقالوا إنه طالع فصدقهم فقال إذن أنا مفطر لا صائم، ثم دام على الاكل ثم بان أنه ما كان طالعا في أول الاكل وطالعا وقت الاكل الثاني قال النسفي الحاكم: لا كفارة عليه لعدم نية الصوم، وإن كان المخبر واحدا عليه الكفارة لأن خبر الواحد عدلا أولا في مثل هذا لا يقبل اه‍. وإنما لم تجب الكفارة بإفطاره عمدا بعد أكله أو شربه أو جماعه ناسيا لأنه ظن في موضع الاشتباه بالنظير وهو الاكل عمدا لأن الاكل مضاد للصوم ساهيا أو عامدا فأورث شبهة. وكذا فيه شبهة اختلاف العلماء فإن مالكا يقول بفساد قوم من أكل ناسيا. وأطلقه فشمل ما إذا علم بأنه لا يفطر بأن بلغه الحديث أم الفتوى أولا وهو قول أبي حنيفة وهو الصحيح لأن العلماء اختلفوا في قبول الحديث فإن فقهاء المدينة كما لك وغيره لم يقبلوه فصار شبهة لأن قول الشافعي إذا كان موافقا للقياس يكون شبهة كقول الصحابي، وكذا لو ذرعه القئ فظن أنه يفطره فأفطر لا كفارة عليه لوجود شبهة الاشتباه بالنظير، فإن القئ والاستقاء متشابهان لأن مخرجهما من الفم. وكذا لو احتلم للتشابه في قضاء الشهوة، وإن علم أن ذلك لا يفطره فعليه الكفارة لأنه لم توجد شبهة الاشتباه ولا شبهة الاختلاف. وقيد بالنسيان لأنه لو احتجم أو اغتاب فظن أنه يفطره ثم أكل إن لم يستفت فقيها ولا بلغه الخبر فعليه الكفارة لأنه مجرد جهل وأنه ليس بعذر في دار الاسلام، وإن استفتى فقيها لا كفارة عليه لأن العامي يجب عليه تقليد العالم إذا كان يعتمد على فتواه فكان معذورا فيما صنع، وإن كان المفتي مخطئا فيما أفتى وإن لم يستفت ولكن بلغه الخبر وهو قوله عليه الصلاة والسلام أفطر الحاجم والمحجوم (1) وقوله صلى الله عليه وسلم الغيبة تفطر الصائم ولم يعرف النسخ ولا تأويله فلا كفارة عليه عندهما لأن ظاهر الحديث
(٥١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 507 508 509 510 511 512 513 514 515 516 517 ... » »»
الفهرست