البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٣٤
التراب طهور له بدل عند العجز عن الماء الطاهر فلا يضطر إلى التحري للوضوء عند غلبة النجاسة لما أمكنه إقامة الفرض بالبدل حتى لو تحققت الضرورة للشرب عند العطش وعدم الماء الطاهر يجوز التحري للشرب في مسألة الثياب الضرورة مست للتحري لأنه ليس للستر بدل يتوصل به إلى إقامة الفرض، يوضحه أن في مسألة الأواني لو كانت كلها نجسة لا يؤمر بالتوضؤ بها، ولو فعل لا تجوز صلاته، فكذا إذا كانت الغلبة له. وفي مسألة الثياب وإن كانت الكل نجسة يؤمر بالصلاة في بعضها، فكذا إذا كانت الغلبة لها. ثم اعلم أن التحري يجري في مسائل منها الزكاة كما قدمناه، ومنها القبلة وقد تقدم في الصلاة، ومنها مسائل المساليخ المختلطة بالميتة ففي حالة الاضطرار للاكل يجوز التحري في الفصول كلها، وفي حالة الاختيار لا يجوز التحري إلا إذا كان الحلال غالبا. ومنها مسألة الزيت إذا اختلط بودك الميتة فإن كان المحرم غالبا أو مساو فإنه لا يجوز الانتفاع به أصلا للاكل ولا غيره، وإن كان الحلال غالبا ففي حالة الاضطرار يجوز الاكل والانتفاع به، وفي حالة الاختيار يحرم الاكل وتناوله ويجوز الانتفاع به من حيث الاستصباح ودبغ الجلود. ومنها مسألة الموتى إذا اختلط موتى المسلمين بموتى الكفار، فإن كانت الغلبة لموتي المسلمين فإنه يصلي عليهم ويدفنون في مقابر المسلمين، وإن غلب موتى الكفار أو تساويا لا يصلى على أحد منهم إلا من يعلم أنه مسلم بالعلامة، وفي ظاهر الرواية يدفنون في مقابر المشركين.
ومنها مسألتا الأواني المختلطة والثياب المختلطة وقد تقدمتا، وأما التحري في الفروج فلا يجوز بحال حتى لو أعتق واحدة من جواريه بعينها ثم نسيها لم يسعه التحري للوطئ ولا للبيع، ومن أراد معرفة الدلائل والفرق بين المسائل وزيادة التعريفات في مسائل التحري فعليه بكتاب التحري من المبسوط أول الجزء الرابع. واعلم أن التحري في اللغة الطلب والابتغاء وهو والتوخي سواء إلا أن لفظ التوخي يستعمل في المعاملات والتحري في العبادات. وفي الشريعة: طلب الشئ بغالب الرأي عند تعذر الوقوف على حقيقته، وهو غير الشك والظن، فالشك أن يستوي طرفا العلم والجهل والظن ترجح أحدهما من غير دليل، والتحري ترجح أحدهما بغالب الرأي وهو دليل يتوصل به إلى طرف العلم وإن كان لا يتوصل به ما يوجب حقيقة العلم. ويلحق بالتحري في مسألة الزكاة ما لو كان المدفوع إليه جالسا في صف الفقراء يصنع صنيعهم أو كان عليه زي الفقراء أو سأله فأعطاه، فهذه الأسباب بمنزلة التحري. كذا في المبسوط أيضا يعني أنه لو ظهر أنه غني لا إعادة عليه.
(٤٣٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 429 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 ... » »»
الفهرست