البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٣٩
آخر العمر. ورده المحقق في تحرير الأصول بأنه من قبيل المقيد بالوقت لا المطلق لقوله عليه الصلاة والسلام أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة فبعده قضاء، فالراجح القول الأول. وأما بيان كميتها وشرطها وسببها ووقتها فسيأتي مفصلا. وأما ركنها فهو نفس الأداء إلى المصرف فهي التمليك كالزكاة فلا تتأدى بطعام الإباحة، وأما حكمها فهو الخروج عن عهدة الواجب في الدنيا ووصول الثواب في الآخرة، والإضافة فيها من إضافة الشئ إلى شرطه وهو مجاز لأن الحقيقة إضافة الحكم إلى سببه وهو الرأس بدليل التعدد بتعدد الرأس. وجعلوها في الأصول عبادة فيها معنى المؤنة لأنها وجبت بسبب الغير كما تجب مؤنته، ولذا لم يشترط لها كمال الأهلية فوجبت في مال الصبي والمجنون خلافا لمحمد، بخلاف العشر فإنه مؤنة فيها معنى العبادة لأن المؤنة ما به بقاء الشئ وبقاء الأرض في أيدينا به والعبادة لتعلقه بالنماء، وإذا كانت الأرض الأصل كانت المؤنة غالبة وللعبادة لا يبتدأ الكافر به ولا يبقى عليه خلافا لمحمد كما تقدم.
قوله: (تجب على حر مسلم ذي نصاب فضل عن مسكنه وثيابه وأثاثه وفرسه وسلاحه وعبيده) لأن العبد لا يملك وإن ملك فكيف يملك؟ ورواية علي في بعض الروايات بمعنى عن والكافر ليس من أهل العبادة فلا تجب. ولو كان له عبد مسلم أو ولد مسلم وهي وجبت لاغناء الفقير للحديث أغنوهم في هذا اليوم عن المسألة والاغناء من غير الغني لا يكون. والغنى الشرعي مقدر بالنصاب، وشرط أن يكون فاضلا عن حوائجه الأصلية لأن المستحق بالحاجة كالمعدوم كالماء المستحق للعطش فخرج النصاب المشغول بالدين. ولما كان حوائج عياله الأصلية كحوائجه لم يذكرها فإنه لا بد أن يكون النصاب فاضلا عن حوائجه وحوائج عياله كما صرح به في الفتاوي الظهيرية، ولم يقيد النصاب بالنمو كما في الزكاة لما قدمناه، ولأنها وجبت بقدرة ممكنة لا ميسرة، ولهذا لو هلك المال بعد الوجوب لا يسقط بخلاف الزكاة كما عرف في الأصول. ولم يقيد بالبلوغ والعقل لما قدمناه فيجب على الولي أو
(٤٣٩)
مفاتيح البحث: الزكاة (2)، الهلاك (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 434 435 436 437 438 439 440 441 442 443 444 ... » »»
الفهرست