يدا كابن السبيل ا ه. وهو أولى من جعله غارما كما في فتح القدير، وقد قدمنا في بحث الفقير تفصيلا له فراجعه قوله: (فيدفع إلى كلهم أو إلى صنف) لأن المراد بالآية بيان الأصناف التي يجوز الدفع إليهم لا تعيين الدفع لهم، ويدل له من الكتاب قوله تعالى * (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) * (البقرة: 271) ومن السنة أنه عليه الصلاة والسلام أتاه مال من الصدقة فجعله في صنف واحد وهم المؤلفة قلوبهم، ثم أتاه مال آخر فجعله في الغارمين، ولم يصرح في الكتاب بجواز الاقتصار على شخص واحد من صنف واحد، ولا شك فيه عندنا لأن الجمع المعرف باللام مجاز عن الجنس، ولهذا لحلف لا يتزوج النساء ولا يشتري العبيد يحنث بالواحد، فالمعنى في الآية أن جنس الزكاة لجنس الفقير فيجوز الصرف إلى واحد لأن الاستغراق ليس بمستقيم إذ يصير المعنى أن كل صدقة لكل فقير ولا يرد خالعني على ما في يدي من الدراهم ولا شئ في يدها فإنه يلزمها ثلاثة. ولو حلف لا يكلمه الأيام أو الشهور يقع على العشرة عنده، وعلى الأسبوع والسنة عندهما لأنه أمكن العهد فلا يحمل على الجنس، فالحاصل أن حمل الجمع على الجنس مجاز، وعلى العهد أو الاستغراق حقيقة، ولا مسوغ للخلف إلا عند تعذر الأصل، وعلى هذا تنصف الموصى به لزيد والفقراء كالوصية لزيد وفقير.
قوله (لا إلى ذمي) أي لا تدفع إلى ذمي لحديث معاذ خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم لا لأن التنصيص على الشئ ينفي الحكم عما عداه بل للامر بردها إلى فقراء المسلمين، فالصرف إلى غيرهم ترك للامر وحديث معاذ مشهور تجوز الزيادة به على الكتاب، ولئن كان خبر واحد فالعام خص منه البعض بالدليل القطعي وهو الفقير الحربي بالآية وأصوله وفروعه بالاجماع فيخص الباقي بخبر الواحد كما عرف في الأصول قوله (وصح غيرها) أي وصح دفع غير الزكاة إلى الذمي واجبا كان أو تطوعا كصدقة الفطر والكفارات والمنذور لقوله تعالى * (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) * (الممتحنة: 8) الآية.
وخصت الزكاة بحديث معاذ وفيه خلاف أبي يوسف، ولا يرد عليه العشر لأن مصرفه