لما في الهداية وشروحها بآل علي وعباس وجعفر وعقيل وحرث بن عبد المطلب، ومشى عليه الشارح الزيلعي والمحقق في فتح القدير وصرحا بإخراج أبي لهب وأولاده من هذا الحكم لأن حرمة الصدقة لبني هاشم كرامة من الله تعالى لهم ولذريتهم حيث نصروه عليه الصلاة والسلام في جاهليتهم وإسلامهم، وأبو لهب كان حريصا على أذى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يستحقها بنوه، واختاره المصنف في المستصفى وروي حديثا لا قرابة بيني وبين أبي لهب.
ونص في البدائع على أن الكرخي قيد بني هاشم بالخمسة من بني هاشم فكان المذهب التقييد لأن الإمام الكرخي ممن هو أعلم بمذهب أصحابنا. وقيد ببني هاشم لأن بني المطلب تحل لهم الصدقة وليسوا كبني هاشم وإن استووا في القرابة لأن عبد مناف جد النبي صلى الله عليه وسلم محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، ولعبد مناف أربعة بنين: هاشم والمطلب ونوفل وعبد شمس. والخمسة المذكورون من ببني هاشم لأن العباس والحرث عمان للنبي صلى الله عليه وسلم، وجعفر وعقيل أخوان لعلي بن أبي طالب وهو عم النبي صلى الله عليه وسلم، وكان لأبي طالب أربعة من الأولاد: ولد له طالب فمات ولم يعقب وكان بينه وبين عقيل عشر سنين، وبين عقيل وجعفر عشر سنين، وبين جعفر وعلي عشر سنين، وأمهم فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف. كذا في غاية البيان وجمهرة النسب.
وقال المصنف في الكافي: وهذا في الواجبات كالزكاة والنذر والعشر والكفارة، أما التطوع والوقف فيجوز الصرف إليهم لأن المؤدي في الواجب يطهر نفسه بإسقاط الفرض فيتدنس المؤدي كالماء المستعمل، وفي النفل تبرع بما ليس عليه فلا يتدنس به المؤدى كمن تبرد بالماء اه. وإنما لم تلحق صدقة التطوع لهم بالوضوء على الوضوء فيتدنس به المؤدى لأن الأصل يقتضي عدمه. وإنما قلتا به في الماء للنص الوارد الوضوء على الوضوء نور على نور إذ ازدياد النور يقتضي زوال الظلمة بقدره لا محالة. كذا في النهاية مختصرا. وفيها عن العتابي: إن النفل جائز لهم بالاجماع كالنفل للغني. وتبعه صاحب المعراج واختاره في المحيط مقتصرا عليه وعزاه إلى النوادر، ومشى عليه الأقطع في شرح القدوري، واختاره في غاية البيان ولم ينقل غيره شارح المجمع فكان هو المذهب.
وأثبت الشارح الزيلعي الخلاف في التطوع على وجه يشعر بترجيح الحرمة، وقواه المحقق في فتح القدير من جهة الدليل لاطلاقه. وقد سوى المصنف في الكافي بين التطوع والوقف كما سمعت، وهكذا في المحيط. وفي شرح الطحاوي وغيره: إن الحل مقيد بما إذا سماهم، أما إذا لم يسمهم فلا، لأنها صدقة واجبة. ورده المحقق في فتح القدير بأن صدقة الوقف كالنفل لأنه متبرع بتصدقه بالوقف إذ لا إيقاف واجب، وكان منشأ الغلط وجوب دفعها على الناظر وبذلك لم تصر صدقة واجبة على المالك، بل غاية الأمر أنه وجوب اتباع شرط الواقف على الناظر اه. وفيه نظر إذ الايقاف قد يكون واجبا كما إذا كان منذورا كان