البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٣٥
قوله (وكره الاغناء وندب عن السؤال) أي كره أن يدفع إلى فقير ما يصير به غنيا وندب الاغناء عن سؤال الناس. وإنما صح الاغناء لأن الغني حكم الأداء فيتعقبه لكن يكره لقرب الغني منه كمن صلى وبقربه نجاسة. كذا في الهداية. وفي فتح القدير: وقوله فيتعقبه صريح في تعقب حكم العلة إياها في الخارج ولم يتعقبه. وتعقبه في النهاية والمعراج بأنه ليس بمستقيم على الأصح من مذهبنا من أن حكم العلة الحقيقة لا يجوز تأخره عنها بل هما كالاستطاعة مع الفعل يقترنان. وأجابا بأن معنى قوله أن الغنى حكم الأداء أي حكمه حكم الأداء أي حكمه حكم الأداء لأن الأداء علة الملك والملك علة الغني فكان الغنى مضافا إلى الأداء بواسطة الملك كالاعتاق في شراء القريب فكان للأداء شبهة السبب الحقيقي، والسبب الحقيقي مقدم على الحكم حقيقة، وما يشبه السبب من العلل له شبهة التقدم اه‍. وإنما عممنا في المدفوع ولم نقيده بمائتي درهم لأنه لو كان له مائة وتسعة وتسعون درهما فتصدق عليه بدرهمين قال أبو يوسف: يأخذوا واحدا ويرد واحدا. كذا في الفتاوى الظهيرية. وإنما قيدنا بقولنا يصير غنيا لأنه لو دفع مائتي درهم فأكثر لمديون لا يفضل له بعد دينه نصاب لا يكره، وكذا لو كان معيلا إذا وزع المأخوذ على عياله لم يصب كلا منهم نصاب. وأطلق في استحباب الاغناء عن السؤال ولم يقيده بأداء قوت يومه كما وقع في غاية البيان لأن الأوجه النظر إلى ما يقتضيه الأحوال في كل فقير من عيال وحاجة أخرى كدين وثوب وغير ذلك، والحديث وارد في صدقة الفطر. كذا في فتح القدير. وقال فخر الاسلام: من أراد أن يتصدق بدرهم فاشترى به فلوسا ففرقها فقد قصر أمر الصدقة لأن الجمع كان أولى من التفريق قوله (وكره نقلها إلى بلد آخر لغير قريب وأحوج) أما الصحة فلاطلاق قوله تعالى * (إنما الصدقات للفقراء)
(٤٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 430 431 432 433 434 435 436 437 438 439 440 ... » »»
الفهرست