البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٤٥
لأنه لو كان الفطر المعتاد لسائر الشهر لوجب ثلاثون فطرة فكان المراد صدقة يوم الفطر ويدل عليه الحديث صومكم يوم تصومون وفطركم يوم تفطرون (1) أي وقت فطركم يوم تفطرون كذا في البدائع. ولم يتعرض في الكتاب لوقت الاستحباب وصرح به في كافيه فقال:
ويستحب أن يخرج الناس الفطرة قبل الخروج إلى المصلي يعني بعد طلوع الفجر من يوم العيد لحديث الحاكم كان يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج صدفة الفطر قبل الصلاة وكان يقسمها قبل أن ينصرف إلى المصلي ويقول: أغنوهم عن الطوف في هذا اليوم قوله: (وصح لو قدم أو أخر) أي صح أداؤها إذا قدمه على يوم الفطر أو أخره، أما التقديم فلكونه بعد السبب إذ هو الرأس، وأما الفطر فشرط الوجوب كما قدمناه ولهذا قالوا: لو قال لعبده إذ جاء يوم الفطر فأنت حر فجاء يوم الفطر عتق العبد. ويجب على المولى صدقة فطرة قبل العتق بلا فصل لأن المشروط متعقب عن الشرط في الوجود لا مقارن بخلاف العلة فإن المعلول يقارنها، وكذا لو كان للتجارة يجب على المولى زكاة التجارة إذ تم الحول بانفجار الصبح من يوم الفطر ونظيرهما ما لو قال لعبده إن بعتك فأنت حر حيث يصح البيع - كذا في النهاية - فصار كتقديم الزكاة على الحول بعد ملك النصاب بمعنى أنه لا فارق لا أنه قياس فاندفع به فما في فتح القدير من أن حكم الأصل على خلاف القياس فلا يقاس لكنه وجد فيه دليل وهو حديث البخاري وكانوا يعطون قبل الفطر بيوم أو بيومين. وأطلق في التقديم فشمل ما إذا دخل رمضان وقبله. وصححه المصنف في الكافي وفي الهداية والتبيين وشروح الهداية. وفي فتاوى قاضيخان: وقال خلف بن أيوب يجوز التعجيل إذا دخل رمضان. وهكذا ذكره الإمام محمد بن الفضل وهو الصحيح. في فتاوي الظهيرية: والصحيح أنه يجوز تعجيلها إذ دخل شهر رمضان وهو اختيار الشيخ الإمام أبي بكر محمد بن الفضل وعليه الفتوى اه‍ فقد اختلف التصحيح كما ترى لكن تأيد التقييد بدخول رمضان بأن الفتوى عليه فليكن العمل عليه، وسبب هذا الاختلاف أن مسألة التعجيل على يوم الفطر لم تذكر في ظاهر الرواية كما صرح به في البدائع لكن صحح هو أنه يجوز التعجيل مطلقا كما في الهداية، وأما التأخير فلأنها قربة مالية فلا تسقط بعد الوجوب إلا بالأداء كالزكاة حتى لو مات ولده الصغير أو مملوكه يوم الفطر لا يسقط عنه أو افتقر بعد ذلك فكذلك. وفي أي وقت أدى كان مؤديا لا قاضيا كما في سائر الواجبات الموسعة. كذا في البدائع. وقد تقدم أن التحقيق أنه بعد اليوم
(٤٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 440 441 442 443 444 445 446 447 448 449 450 ... » »»
الفهرست