البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٥
وأجاب بأن فساد القهقهة لا باعتبار حرمتها بل باعتبار أنها تنقض الطهارة وهي شرط ولهذا لا يفسدها النظر إلى الأجنبية وإن كان حراما إلا إذا كثر العبث فحينئذ يفسدها لكونه عملا كثيرا. وفي الغاية للسروجي قوله ولان العبث خارج الصلاة حرام فيه نظر لأن العبث خارجها بثوبه أو بدنه خلاف الأولى ولا يحرم والحديث قيد بكونه في الصلاة ا ه‍.
قوله: (وقلب الحصى إلا للسجود مرة) أي كره قلبه لغير ضرورة لما أخرج في الكتب الستة عن معيقيب أنه صلى الله عليه وسلم قال لا تمسح الحصى وأنت تصلي فإن كنت لا بد فاعلا فواحدة وعن أبي ذر أنه قال: سألت خليلي عن كل شئ حتى سألته عن تسوية الحصى في الصلاة فقال: يا أبا ذر مرة أو ذر. ولأنه نوع عبث، أما إذا كان لا يمكنه السجود عليه فيسويه مرة لأن فيه إصلاح صلاته. كذا في الهداية. يعني فيه تحصيل السجود على الوجه المطلوب شرعا وهو يفيد أن تسويته مرة لهذا الغرض أولى من تركها. وصرح في البدائع بأن التسوية مرة رخصة وأن الترك أولى لأنه أقرب إلى الخشوع. وفي النهاية والخلاصة: إن الترك أحب إلي مستدلا في النهاية بما ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات وإن تركتها فهو خير لك من مائة ناقة سوداء الحدقة تكون لك (2) اه‍. فالحاصل أن التسوية لغرض صحيح مرة هل هي رخصة أو عزيمة وقد تعارض فيها جهتان، فبالنظر إلى أن التسوية مقتضية للسجود على الوجه المسنون كانت التسوية عزيمة، وبالنظر إلى أن تركها أقرب إلى الخشوع كان تركها عزيمة، والظاهر من الأحاديث الثاني ويرجحه أن الحكم إذا تردد بين سنة وبدعة كان ترك البدعة راجحا على فعل السنة مع أنه قد كان يمكنه التسوية قبل الشروع في الصلاة وتقييد المصنف بالمرة هو ظاهر الرواية والزيادة عليها مكروهة، وقيل يسويها مرتين. ذكره في منية المصلي قوله: (وفرقعة الأصابع) وهو غمزها أو مدها حتى تصوت. ونقل في الدراية الاجماع على كراهتها فيها، ومن السنة ما رواه ابن ماجة مرفوعا لا تفرقع أصابعك وأنت تصلي (3) لكنه معلول بالحارث. وروى أحمد عن سهل بن معاذ رفعه الضاحك في الصلاة والملتفت والمفرقع أصابعه بمنزلة واحدة (4) ولعل
(٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 30 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 ... » »»
الفهرست