عائشة سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سترة المصلي فقال: بقدر مؤخرة الرحل. ومؤخرة بضم الميم وهمزة ساكنة وكسر الخاء المعجمة العود الذي في آخر الرحل من كور البعير، وفسرها عطاء بأنها ذراع فما فوقه كما أخرجه أبو داود. السادس اختلفوا في مقدار غلظها ففي الهداية: وينبغي أن تكون في غلظ الإصبع لأن ما دونه لا يبدو للناظر وكأن مستنده ما رواه الحاكم مرفوعا استتروا في صلاتكم ولو بسهم ويشكل عليه ما رواه الحاكم عن أبي هريرة مرفوعا يجزئ من السترة قدر مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ولهذا جعل بيان الغلظ في البدائع قولا ضعيفا وأنه لا اعتبار بالعرض وظاهره أنه المذهب. السابع أن من السنة غرزها إن أمكن. الثامن أن في استنان وضعها عند تعذر غرزها اختلافا فاختار في الهداية أنه لا عبرة بالالقاء، وعزاه في غاية البيان إلى أبي حنيفة ومحمد وصححه جماعة منهم قاضيخان في شرح الجامع الصغير معللا بأنه لا يفيد المقصود. وقيل: يسن الالقاء ونقله القدوري عن أبي يوسف، ثم قيل يضعه طولا لا عرضا ليكون على مثال الغرز. التاسع أن السنة القرب منها لحديث أبي داود مرفوعا إذا صلى أحدكم فليصل إلى سترة وليدن منها (1) وذكر العلامة الحلبي أن السنة أن لا يزيد ما بينه وبينها على ثلاثة أذرع. العاشر أن السنة أن يجعلها على أحد حاجبيه لحديث أبي داود عن المقداد بن الأسود قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي إلى عود أو شجرة إلا جعله على حاجبه الأيمن أو الأيسر ولا يصمد إليه صمدا. أي لا يقابله مستويا مستقيما بل كان يميل عنه. كذا في المغرب.
الحادي عشر أن سترة الإمام تجزئ عن أصحابه كما هو ظاهر الأحاديث الثابتة في الصحيحين من الاقتصار على سترته صلى الله عليه وسلم. وقد اختلف العلماء في أن سترة الإمام هل هي بنفسها سترة للقوم وله أو هي سترة له خاصة وهو سترة لمن خلفه، فظاهر كلام أئمتنا الأول ولهذا قال في الهداية: وسترة الإمام سترة للقوم. الثاني عشر أنه لا بأس بالمرور وراء السترة كما دل عليه حديث ابن عباس الثابت في الصحيحين من مروره وراء السترة ولم ينكر عليه. الثالث عشر أنه إذا لم يجد ما يتخذه سترة فهل ينوب الخط بين يديه منابها ففيه روايتان: الأولى أنه ليس بمسنون ومشى عليه كثير من المشايخ واختاره في الهداية لأنه لا يحصل المقصود به إذ لا يظهر من بعيد، والثانية عن محمد أنه يخط لحديث أبي داود فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا وأجاب عنه في البدائع بأنه شاذ فيما تعم به البلوى وصرح النووي بضعفه وتعقب بتصحيح أحمد وابن حبان وغيرهما له كما ذكره العلامة الحلبي وجزم به المحقق في فتح القدير وقال: إن السنة