والمذكور في شرح الهداية وغيرها أن العبث الفعل لغرض غير صحيح حتى قال في النهاية:
وحاصله أن كل عمل هو مفيد للمصلي فلا بأس بأن يأتي به، أصله ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم عرق في صلاة فسلت العرق عن جبينه أي مسحه لأنه كان يؤذيه فكان مفيدا. وفي زمن الصيف كان إذا قام من السجود نفض ثوبه يمنة أو يسرة لأنه كان مفيدا كيلا يبقى صورة، فأما ما ليس بمفيد فهو العبث اه. وتعقبه العلامة الحلبي بأنه إذا كان يكره رفع الثوب كيلا يتترب وأنه قد وقع الخلاف في أنه يكره مسح التراب عن جبهته في الصلاة وأنه قد وقع الندب إلى تتريب الوجه في السجود فضلا عن الثوب فكون نفض الثوب عن التراب عملا مفيدا وأنه لا بأس به مطلقا فيه نظر ظاهر، وأما أنه لا بأس بسلت العرق في الصلاة فهو قول بعض المشايخ واختاره في الخانية وغيرها. وفي منية المصلي: ويكره أن يمسح عرقه أو التراب عن جبهته في أثناء الصلاة أو في التشهد قبل السلام، ووفق بينهما بأن المراد بالعرق الممسوح عرق لم تدعه حاجة إلى مسحه وبالكراهة الكراهة التنزيهية فحينئذ لا منافاة بينها وبين قولهم لا بأس لأن تركه أولى، ويحمل فعله صلى الله عليه وسلم إن ثبت على أن به حاجة إلى مسحه أو بيانا للجواز ا ه. وفي الخانية: ولا بأس بأن يمسح جبهته من التراب أو الحشيش بعد الفراغ من الصلاة وقبله إذا كان يضره ذلك ويشغله عن الصلاة، وإذا كان لا يضره ذلك يكره في وسط الصلاة ولا يكره قبل التشهد والسلام ا ه. وصححه في المحيط وهو مع ما قدمناه من تعريف العبث يدل على أن الحك بيده في بدنه إنما يكون عبثا إذا كان لغير حاجة، أما إذا أكله شئ في بدنه ضره وأشغله فلا بأس بحكه ولا يكون من العبث. ثم ذكر الشارحون أنهم إنما قدموا مسألة العبث لأنها كلية وغيرها نوعية لأن تقليب الحصى والفرقعة والتخصر من أنواع العبث والكلي مقدم على النوعي. وتعقبه في العناية بأن العبث بالثوب لا يشمل ما بعده من تقليب الحصى وغيره بل إنما قدموه لأنه أكثر وقوعا ا ه. وقد يقال: إن الشامل للتقليب وغيره العبث بالبدن ولا يتم ما قاله إلا لو اقتصروا على العبث بالثوب. ثم إن كراهة العبث تحريمية لما أخرجه القضاعي في مسند الشهاب مرسلا عن يحيى بن أبي كثير عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله كره لكم ثلاثا العبث في الصلاة والرفث في الصيام والضحك في المقابر وعلله في الهداية بأن العبث خارج الصلاة حرام فما ظنك في الصلاة ا ه. وأراد به كراهة التحريم وأورد عليه في غاية البيان بأنه إذا كان حراما ينبغي أن يكون مفسدا كالقهقهة،