مقصودا للفاعل بأن أفرد له مجلسا على حدة، ولقد صدق من قال كثرة المقالات تؤذن بكثرة الجهالات، ولقد صدق صاحب الفتاوي الظهيرية حيث قال في الفصل الثالث في قراءة القرآن: إن كل ما لم يرو عن أبي حنيفة فيه قول بقي كذلك مضطربا إلى يوم القيامة كما حكي عن أبي يوسف أنه كان يضطرب في بعض المسائل وكان يقول: كل مسألة ليس لشيخنا فيها قول فنحن فيها هكذا اه. وإلى هنا تبين أن المفسد للصلاة كلام الناس مطلقا والعمل الكثير، ومن المفسد الموت والارتداد بالقلب والجنون والاغماء وكل حدث عمد، وما أوجب الغسل كالاحتلام والحيض ومحاذاة المرأة بشروطه وترك ركن من غير قضاء أو شرط لغير عذر. وأما استخلاف القارئ للامي والفتح على غير إمامه فداخل تحت العمل الكثير، وأما ترك القعدة الأخيرة مع التقييد بالسجدة، وقدرة المومي على الركوع والسجود، وتذكر صاحب الترتيب الفائتة فيها، وطلوع الشمس في الفجر، ودخول وقت العصر في الجمعة ونظائرها، فمما يفسد وصف الفرضية لا أصل الصلاة، وأما فسادها بتقدم الإمام أمام المصلي أو طرحه في صف النساء أو في مكان نجس أو سقوط الثوب عن عورته مع التعمد مطلقا ومع أداء ركن إن لم يتعمد علم أو لم يعلم، ومع المكث قدره إن لم يؤد عند أبي حنيفة ومحمد كما في الظهيرية فراجع إلى فوت الشرط كما لا يخفى.
قوله: (ولو نظر إلى مكتوب وفهمه أو أكل ما بين أسنانه أو مر مار في موضع سجوده لا تفسد وإن أثم) أما الأول فلان الفساد إنما يتعلق في مثله بالقراءة وبالنظر مع الفهم لم تحصل، وصحح المصنف في الكافي أنه متفق عليه بخلاف من حلف لا يقرأ كتاب فلان فنظر إليه وفهمه فإنه يحنث عنه محمد لأن المقصود فيه الفهم والوقوف على سره. أطلق المكتوب فشمل ما هو قرآن وغيره لكن في القرآن لا تفسد إجماعا بالاتفاق كما في النهاية، وشمل ما إذا استفهم أو لا، لكن إذا لم يكن مستفهما لا تفسد بالاجماع، وإن كان مستفهما ففي المنية تفسد عند محمد والصحيح عدمه اتفاقا لعدم الفعل منه ولشبهة الاختلاف قالوا:
ينبغي للفقيه أن لا يضع جز تعليقه بين يديه في الصلاة لأنه ربما يقع بصره على ما في الجزء فيفهم ذلك فيدخل فيه شبهة الاختلاف ا ه. وعبر في النهاية بالوجوب على الفقيه أن لا يضع لكن قد علمت أن شبهة الاختلاف فيما إذا كان مستفهما، وأما إذا لم يكن مستفهما فلا يعلل بما ذكر لعدم الاختلاف فيه بل لاشتغال قلبه به إذا خاف من وضعه بين يديه اشتغاله بالنظر إليه ولم يذكروا كراهة النظر إلى المكتوب متعمدا، وفي منية المصلي ما يقتضيها فإنه قال: ولو أنشأ شعرا أو خطبة ولم يتكلم بلسانه لا تفسد وقد أساء، وعلل الإساءة شارحها