البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٤٦
يخصون الإمام بالمكان المرتفع على ما قيل فلا تشبه اه‍. وقد يقال إن امتياز الإمام المطلوب في الشرع حاصل بتقدمه من غير أن يقف في مكان آخر، فمتى أمكن تمييزه من غير تشبه بأهل الكتاب تعين، فحينئذ وقوفه في المحراب تشبه بأهل الكتاب لغير حاجة فكره مطلقا ولهذا قال الولوالجي في فتاواه وصاحب التجنيس: إذا ضاق المسجد بمن خلف الإمام على القوم لا بأس بأن يقوم الإمام في الطاق لأنه تعذر الامر عليه، وإن لم يضق المسجد بمن خلف الإمام لا ينبغي للإمام أن يقوم في الطاق لأنه يشبه تباين المكانين اه‍. يعني وحقيقة اختلاف المكان تمنع الجواز فشبهة الاختلاف توجب الكراهة وهو وإن كان المحراب من المسجد كما هي العادة المستمرة فصورته وهيئته اقتضت شبهة الاختلاف. فالحاصل أن مقتضى ظاهر الرواية كراهة قيامه في المحراب مطلقا، سواء اشتبه حال الإمام أو لا، وسواء كان المحراب من المسجد أم لا. وإنما لم يكره سجوده في المحراب إذا كان قدماه خارجه لأن العبرة للقدم في مكان الصلاة حتى تشترط طهارته رواية واحدة بخلاف مكان السجود إذ فيه روايتان. وكذا لو حلف لا يدخل دار فلان يحنث بوضع القدمين وإن كان باقي بدنه خارجها، والصيد إذا كان رجلاه في الحرم ورأسه خارج منه فهو صيد الحرم ففيه الجزاء.
قوله (وانفراد الإمام على الدكان وعكسه) أما الأول فلحديث الحاكم مرفوعا: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الإمام فوق ويبقى الناس خلفه. وعللوه بأنه تشبه بأهل الكتاب فإنهم يتخذون لإمامهم دكانا. أطلقه فشمل ما إذا كان الدكان قدر قامة الرجل أو دون ذلك وهو ظاهر الرواية. وصححه في البدائع لاطلاق النهي وقيده الطحاوي بقدر القامة ونفى الكراهة فيما دونه. وقال قاضيخان في شرح الجامع الصغير: إنه مقدر بذراع اعتبارا بالسترة وعليه
(٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 41 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 ... » »»
الفهرست