البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٣٦
المراد التساوي في المعصية وإلا فالضحك مبطل لها. وينبغي أن تكون كراهة الفرقعة تحريمية للنهي الوارد في ذلك ولأنها من أفراد العبث بخلاف الفرقعة خارج الصلاة لغير حاجة ولو لإراحة المفاصل فإنها تنزيهية على القول بالكراهة كما في المجتبي أنه كرهها كثير من الناس لأنها من الشيطان بالحديث اه‍. لكن لما لم يكن فيها خارجها نهي لم تكن تحريمية كما أسلفناه قريبا، والحق في المجتبي المنتظر للصلاة والماشي إليها بمن في الصلاة في كراهتها وروى في ذلك حديثا أنه نهى أن يفرقع الرجل أصابعه وهو جالس في المسجد ينتظر الصلاة. وفي رواية وهو يمشي إليها. وأشار المصنف إلى كراهة تشبيك الأصابع وهو أن يدخل إحدى أصابع يديه بين أصابع الأخرى في الصلاة كما صرح به في المحيط وغيره لما روى أحمد وأبو داود وغيرهما مرفوعا إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبك بين يديه فإنه في الصلاة (1) ونقل في الدراية إجماع العلماء على كراهته فيها. ثم يظهر أيضا أنها تحريمية للنهي المذكور وظاهره الكراهة أيضا حالة السعي إلى الصلاة فإذا كان منتظرا لها بالأولى. وذكر العلامة الحلبي أنه لم يقف على حكمه خارج الصلاة لمشايخنا، والظاهر أنه في غير هذين الموضعين لا للعبث ليس بمكروه ولو لإراحة الأصابع وإن كان على سبيل العبث يكره تنزيها اه‍. وقد قدمنا عن الهداية أن العبث خارج الصلاة حرام وحملناه على كراهة التحريم فينبغي أن يكون العبث خارجها لغير حاجة كذلك قوله: (والتخصر) وهو وضع اليد على الخاصرة وهي ما فوق الطفطفة والشراسيف - كذا في المغرب - لنهيه صلى الله عليه وسلم عنه كما في سنن أبي داود. وهذا التفسير هو الصحيح وبه قال الجمهور من أهل اللغة والفقود الحديث ورد مفسرا هكذا عن ابن عمر كما في السنن.
وحكمته أنه في الصلاة راحة أهل النار كما رواه ابن حبان في صحيحه. قال ابن حبان:
يعني فعل اليهود والنصارى في صلاتهم وهم أهل النار لا أن لهم راحة في النار أو أنه فعل المتكبرين ولا يليق بالصلاة، أو أنه فعل الشيطان حتى قيل إن إبليس اهبط من الجنة لذلك فلهذا قال في المبسوط والمجتبى: ويكره التخصر خارج الصلاة أيضا. والذي يظهر أنها تحريمية فيها للنهي المذكور. وقد فسر التخصر بغير هذا أيضا منها أن يتوكأ في الصلاة
(٣٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 31 32 33 34 35 36 37 38 39 40 41 ... » »»
الفهرست