البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٦
فهو مكروه كما صرح به في منية المصلي لأنه ليس من أعمال الصلاة ولا ضرورة فيه فكان مكروها وإن كان قليلا. وأما الثالث وهو مرور المار في موضع سجود المصلي فإنما لا يفسدها عند عامة العلماء، سواء كان المار امرأة أو حمارا أو كلبا أو غيرها لحديث الصحيحين عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي وأنا معترضة بين يديه فإذا سجد غمزني فقبضت رجلي فإذا قام بسطتهما والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح، ولقوله عليه السلام لا يقطع الصلاة مرور شئ وادرؤوا ما استطعتم فإنما هو شيطان لكن ضعفه النووي. وفي فتح القدير: والذي يظهر أنه لا ينزل عن الحسن لأنه يروي من عدة طرق. ثم الكلام في هذه المسألة في سبعة عشرة موضعا: الأول ما ذكره في الكتاب من عدم الفساد. الثاني أن المار آثم للحديث لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه من الوزر لوقف أربعين خير له من أن يمر بين يديه (1) قال الراوي: لا أدري أربعين عاما أو شهرا أو يوما. وأخرجه البزار وقال: أربعين خريفا. وروى ابن ماجة وصححه ابن حبان عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم أحدكم ما له في أن يمر بين يد أخيه معترضا في الصلاة كان لأن يقيم مائة عام خير له من الخطوة التي خطى.
وبهذا علم أن الكراهة تحريمية لتصريحهم بالاثم وهو المراد بقوله وإن أثم المار بين يديه. الثالث في الموضع الذي يكره المرور فيه وفيه اختلاف، واختار المصنف أنه موضع سجوده، وصححه في الكافي لأن هذا القدر من المكان حقه وفي تحريم ما وراءه تضييق على المارة وهو يفيد أن المراد بموضع سجوده موضع صلاته وهو من قدمه إلى موضع سجوده كما صرح به الشارح وهو مختار صاحب الهداية وشمس الأئمة السرخسي وقاضيخان، وفي المحيط إنه الأحسن لأن ذلك القدر موضع صلاته دون ما وراءه. وذكر التمرتاشي أن الأصح أنه إن كان بحال لو صلى صلاة خاشع لا يقع بصره على المار فلا يكره المرور نحو أن يكون منتهى بصره في قيامه إلى موضع سجوده، وفي ركوعه إلى صدور قدميه. وفي سجوده إلى أرنبة أنفه، وفي قعوده إلى حجره، وفي سلامه إلى منكبيه، واختاره فخر الاسلام فإنه قال: إذا صلى راميا
(٢٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 21 22 23 24 25 26 27 28 29 30 31 ... » »»
الفهرست