ثم اختلفوا فيما يعين الكثرة والقلة على أقوال: أحدها ما اختاره العامة كما في الخلاصة والخانية أن كل عمل لا يشك الناظر أنه ليس في الصلاة فهو كثير، وكل عمل يشتبه على الناظر أن عامله في الصلاة فهو قليل. قال في البدائع: وهذا أصح. وتابعه الشارح والولوالجي. وقال في المحيط: إنه الأحسن. وقال الصدر الشهيد: إنه الصواب. وذكر العلامة الحلبي أن الظاهر أن مرادهم بالناظر من ليس عنده علم بشروع المصلي في الصلاة فحينئذ إذا رآه على هذا العمل وتيقن أنه ليس في الصلاة فهو عمل كثير، وإن شك فهو قليل. ثانيها أن ما يقام باليدين عادة كثير وإن فعله بيد واحدة كالتعمم ولبس القميص وشد السراويل والرمي عن القوس وما يقام بيد واحدة قليل، ولو فعله باليدين كنزع القميص وحل السراويل ولبس القلنسوة ونزعها ونزع اللجام وما أشبه ذلك. كذا ذكره الشارح ولم يقيد في الخلاصة والخانية ما يقام باليدين بالعرف، وقيد في الخانية ما يقام بيد واحدة بما إذا لم يتكرر والمراد بالتكرر ثلاث متواليات لما في الخلاصة: وإن حك ثلاثا في ركن واحد تفسد صلاته. هذا إذا رفع يده في كل مرة، أما إذا لم يرفع في كل مرة فلا تفسد لأنه حك واحد ا ه. وهو تقييد غريب وتفصيل عجيب ينبغي حفظ لكن في الظهيرية معزيا إلى الصدر الشهيد حسام الدين: لو حك موضعا من جسده ثلا ث مرات بدفعة واحدة تفسد صلاته ا ه. ولم أر من صحح القول الثاني في تحديد العمل وقد يقال إنه غير صحيح وإنه لو مضغ العلك في صلاته فسدت صلاته. كذا ذكره محمد كما في البدائع، لأن الناظر إليه من بعيد لا يشك أنه في غير الصلاة وليس فيه استعمال اليد رأسا فضلا عن استعمال اليدين، وكذا الأكل والشرب يعمل بيد واحدة وهو مبطل اتفاقا، وكذا قولهم لو دهن رأسه أو سرح شعره سواء كان شعر رأسه أو لحيته تفسد صلاته، لا يتخرج على أن العمل الكثير ما يقام باليدين لأن دهن الرأس وتسريح الشعر عادة يكون بيد واحدة إلا أن يريد بالدهن تناوله القارورة وصب الدهن منها بيده الأخرى وهو كذلك فإن في المحيط قال: ولو صب الدهن على رأسه
(٢٠)