إلى إمام فعال أحوج منكم إلى إمام قوال، وستأتيكم الخطب بعد وأستغفر الله لي ولكم ونزل وصلى بهم. ولم ينكر عليه أحد منهم فكان إجماعا. وارتج بالتخفيف على الأصح أي استغلق عليه الخطبة فلم يقدر على إتمامها كذا في المغرب. ومراد عثمان بقوله إنكم إلى إمام إلى آخره أن الخلفاء الذين يأتون بعد الخلفاء الراشدين تكون على كثرة المقال مع قبح الفعال فأنا وإن لم أكن قوالا مثلهم فأنا على الخير دون الشر، فأما أن يريد بهذا القول تفضيل نفسه على الشيخين فلا. كذا في النهاية: قيدنا الخطبة بالمفروضة لأن المسنونة لا يكفي فيها مطلقه بل لا بد أن يأتي بما قدمناه. وقيدنا بالقصد لأنه لو عطس على المنبر فقال الحمد لله على عطاسه لا ينوب عن الخطبة عند أبي حنيفة أيضا كما في التسمية على الذبيحة، وعن أبي حنيفة في رواية أخرى أنه يجزئه، والفرق على هذه الرواية وهو أن المأمور به في الخطبة الذكر مطلقا لقوله تعالى * (فاسعوا إلى ذكر الله) * (الجمعة: 9) وقد وجد، وفي باب الذبيحة المأمور الذكر عليه وذلك بأن يقصده والأول أصح. كذا في التجنيس قوله: (والجماعة وهم ثلاثة) أي شرط أن يصلي مع الإمام ثلاثة فأكثر لاجماع العلماء على أنه لا بد فيها من الجماعة كما في البدائع. وإنما اختلفوا في مقدارها فما ذكره المصنف قول أبي حنيفة ومحمد. وقال أبو يوسف: اثنان سوى الإمام لأنهما مع الإمام ثلاثة وهي جمع مطلق ولهذا يتقدمهما الإمام ويصطفان خلفه. ولهما: إن الجمع المطلق شرط انعقاد الجمعة في حق كل واحد منهم وشرط جواز صلاة كل واحد منهم ينبغي أن يكون سواه، فيحصل هذا الشرط ثم يصلي ولا يحصل هذا الشرط إلا إذا كان سوى الإمام ثلاثة إذ لو كان مع الإمام اثنان لم يوجد في حق كل واحد منهم بخلاف سائر الصلوات لأن الجماعة فيها ليست بشرط. كذا في البدائع. أطلق الثلاثة فشمل العبيد والمسافرين والمرضى والأميين والخرسي لصلاحيتهم للإمامة في الجمعة، أما لكل واحد أو لمن هو مثل حالهم في الأمي والأخرس فصلحا أن يقتديا بمن فوقهما. كذا في المحيط. ولا يرد عليه النساء والصبيان فإن الجمعة لا تصح بهم وحدهم لعدم صلاحيتهم للإمامة فيها بحال لأن النساء خرجن بالتاء في ثلاثة أي ثلاثة رجال، وكذا الصبي لأنه ليس برجل كامل والمطلق ينصرف إلى الكامل.
وشمل ثلاثة غير الثلاثة الذين حضروا الخطبة لما في التجنيس وغيره: إذا خطب بحضره جماعة ثم نفروا وجاء آخرون لم يشهدوا الخطبة فصلى بهم الجمعة أجزأهم.