البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٦٠
الخطيب بلا سيف وتكون تلك البلدة عشرية. ومكة فتحت بالسيف فيخطب مع السيف اه‍.
وهذا مفيد لكونه يتقلد بالسيف لا أنه يمسكه بيده كما هو المتعارف مع أن ظاهر ما في الخلاصة كراهة ذلك فإنه قال: ويكره أن يخطب متكئا على قوس أو عصا لكن قال في الحاوي القدسي: إذا فرغ المؤذنون قام الإمام والسيف بيساره وهو متكئ عليه اه‍. وهو صريح فيه إلا أن يفرق بين السيف وغيره. وفي المجتبى: ويخطب بالسيف في البلدة التي فتحت بالسيف.
وفي السراج الوهاج: وأما الدعاء للسلطان في الخطبة فلا يستحب لما روي أن عطاء سئل عن ذلك فقال: إنه محدث وإنما كانت الخطبة تذكيرا. وفي الخلاصة وغيرها: الدنو من الإمام أفضل من التباعد على الصحيح، ومنهم من اختار التباعد حتى لا يسمع مدح الظلمة في الخطبة، ولهذا اختار بعضهم أن الخطيب ما دام في الحمد والمواعظ فعليهم الاستماع فإذا أخذ في مدح الظلمة والثناء عليهم فلا بأس بالكلام حينئذ. وحكى في الظهيرية والخانية عن إبراهيم النخعي وإبراهيم بن مهاجر أنهما كانا يتكلمان وقت الخطبة، فقيل لإبراهيم النخعي في ذلك فقال: إني صليت الظهر في داري ثم رحت إلى الجمعة ثقية ولذلك تأويلان: أحدهما أن الناس كانوا في ذلك الزمان فريقين: فريق منهم لا يصلي الجمعة لأنه كان لا يرى الجائر سلطانا وسلطانهم يومئذ كان جائرا فإنهم كانوا لا يصلون الجمعة من أجل ذلك، وكان فريق منهم يترك الجمعة لأن السلطان كان يؤخر الجمعة عن وقتها في ذلك الزمان فكانوا يأتون الظهر في دارهم ثم يصلون مع الإمام ويجعلونها سبحة أي نافلة اه‍. وقد سمعت في زماننا أن بعضهم يترك الجمعة متأولا بالتأويل الأول وهو فاسد لأن فاعله مجتهد رأى ذلك. وأما المقلد لأبي حنيفة فحرام عليه ذلك لأن مذهب إمامه أن الجائر سلطان كما قدمناه.
وفي أول التجنيس معزيا إلى الفقيه أبي الليث: ينبغي أيكون في مجلس الواعظ الخوف والرجاء ولا يجعل كله خوفا ولا كله رجاء لأنه ورد النهي عن ذلك، ولان الأول يفضي إلى القنوط، والثاني إلى الامن فيجمع بينهما. وقال الإمام أبو بكر الرستغفني: يجب أن يتكلم في الرحمة والرجاء لقوله عليه الصلاة والسلام يسروا ولا تعسروا، وبشروا ولا تنفروا (1) ولان من رجع إلى الباب بالكرامة يكون أثبت اه‍. وفي القنية قال أبو يوسف في الجامع: ينبغي للخطيب إذا صعد المنبر أن يتعوذ بالله في نفسه قبل الخطبة اه‍. وفي ضياء الحلوم مختصر شمس العلوم: خطب على المنبر خطبة - بضم الخاء - وخطب المرأة خطبة بكسر الخاء. قال الله تعالى * (من خطبة النساء)
(٢٦٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 265 ... » »»
الفهرست