البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٧
الجمعة وإن كانوا صما أو نياما، وظاهره أنه لا يكفي لوقوعها الشرط حضور واحد. وفي الخلاصة ما يخالفه فإنه قال: لو خطب وحده ولم يحضره أحد لا يجوز. وفي الأصل قال: فيه روايتان. ولو حضر واحد أو اثنان وخطب وصلى بالثلاثة جاز، ولو خطب بحضرة النساء لم يجز إن كن وحدهن انتهى. وفي فتح القدير: المعتمد أنه لو خطب وحده فإنه يجوز أخذا من قولهم يشترط عنده في التسبيحة والتحميدة أن يقال على قصد الخطبة، فلو حمد لعطاس لا يجزئ عن الواجب انتهى. وفيه نظر ظاهر لأنه لا يدل على ما ذكره بشئ من أنواع الدلالات كما لا يخفى. وصحح في الظهيرية أنه لو خطب وحده فإنه لا يجوز. وفي المضمرات معزيا إلى الزاد: وهل تقوم الخطبة مقام الركعتين؟ اختلف المشايخ منهم من قال تقوم ولهذا لا تجوز إلا بعد دخول الوقت، ومنهم من قال لا تقوم وهو الأصح لأنه لا يشترط لها سائر شروط الصلاة من استقبال القبلة والطهارة وغير ذلك انتهى. وفي البدائع: ثم هي وإن كانت قائمة مقام الركعتين شرط وليست بركن لأن صلاة الجمعة لا تقام بالخطبة فلم تكن من أركانها اه‍.
وفي فتح القدير: واعلم أن الخطبة شرط الانعقاد في حق من ينشئ التحريمة للجمعة لا في حق كل من صلاها، واشتراط حضور الواحد أو الجمع ليتحقق معنى الخطبة لأنها من النسبيات فعن هذا قالوا: لو أحدث الإمام فقدم من لم يشهدها جاز أن يصلي بهم الجمعة لأنه بان تحريمته على تلك التحريمة المنشأة، فالخطبة شرط انعقاد الجمعة في حق من ينشئ التحريمة فقط، ألا ترى إلى صحتها من المقتدين الذين لم يشهدوا الخطبة؟ فعلى هذا كان القياس فيما لو أفسد هذا الخليفة أن لا يجوز أن يستقبل بهم الجمعة لكنهم استحسنوا جواز استقباله لهم لأنه لما قام مقام الأول التحق به حكما، فلو فسد الأول استقبل بهم فكذلك الثاني، فلو كان الأول أحدث قبل الشروع فقدم من لم يشهد الخطبة لا يجوز اه‍. ولم يشترط المصنف أنه يصلي عقب الخطبة بلا تراخ، ففيه أشار إلى أنه ليس بشرط فلذا قالوا: إن الخطبة تعاد على وجه الأولوية لو تذكر الإمام فائتة في صلاة الجمعة ولو كانت الوتر حتى فسدت
(٢٥٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 254 255 256 257 258 259 260 261 262 ... » »»
الفهرست