البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٦٦
والناس فينبغي أن يعتبر وقت أدائهم حتى إذا كان لا يخرج من المصر قبل أداء الناس ينبغي أن يلزمه شهود الجمعة ا ه‍.
قوله: (ومن لا جمعة عليه أن أداها جاز عن فرض الوقت) لأنهم تحملوه فصاروا كالمسافر إذا صام. وأشار بقوله جاز عن الفرض إلى أنهم أهل التكليف فلا يرد عليه الصبي والمجنون وإن دخلا تحت قوله ومن لا جمعة عليه ولهذا فصل في البدائع فيمن لا جمعة عليه فقال: إن كان صبيا وصلاها فهي تطوع له، وإن كان مجنونا فلا صلاة له أصلا. وأما من كان أهلا للوجوب كالمريض والمسافر والمرأة والعبد يجزئهم ويسقط عنهم الظهر. قيد بالجمعة لأن من لا حج عليه إذا أدى الحج فإن كان لفقد المال فإن الحج يسقط عنه حتى لو أيسر بعده فإنه لا حج عليه لما ذكرنا، وإن كان لعدم أهليته كالعبد إن أدى الحج مع مولاه فإنه لا يحكم بجوازه فرضا حتى يؤاخذ بحجة الاسلام بعد حريته. والفرق أن المنع من الجمعة كان نظرا للمولى والنظر ههنا في الحكم بالجواز لأنا لو لم نجوز وقد تعطلت منافعه على المولى لوجب عليه الظهر فتتعطل عليه منافعه ثانيا فينقلب النظر ضررا، وذا ليس بحكمة فتبين في الآخرة أن النظر في الحكم بالجواز فصار مأذونا دلالة كالعبد المحجور عليه إذا أجر نفسه أنه لا يجوز، ولو سلم من العمل يجوز ويجب عليه كمال الأجرة لما ذكرنا. كذا هذا بخلاف الحج فإن هناك لا يتبين أن النظر للمولى في الحكم بالجواز لا يؤاخذ للحال بشئ آخر إذا لم يحكم بجوازه بل يخاطب بحجة الاسلام بعد الحركة فلا يتعطل على المولى منافعه. كذا في البدائع.
ولم أر نفلا صريحا هل الأفضل لمن لا جمعة عليه صلاة الجمعة أو صلاة الظهر، لكن ظاهر الهداية والعناية وغاية البيان أن الأفضل لهم صلاة الجمعة لأنهم ذكروا أن صلاة الظهر لهم يوم الجمعة رخصة فدل أن العزيمة صلاة الجمعة، وينبغي أن يستثنى منه المرأة، فإن صلاتها في بيتها أفضل والله سبحانه وتعالى أعلم. قوله: (وللمسافر والعبد والمريض أن يؤم فيها) أي في الجمعة. وقال زفر: لا يجزئه لأنه لا فرض عليه فأشبه الصبي والمرأة. ولنا أن هذه رخصة فإذا حضروا تقع فرضا على ما بينا، أما أداء الصبي فمسلوب الأهلية والمرأة لا تصلح لإمامه الرجال قوله: (وتنعقد بهم) أي الجمعة بالمسافر والعبد والمريض للإشارة إلى رد قول الشافعي أن هؤلاء تصح إمامتهم لكن لا يعتد بهم في العدد الذي تنعقد بهم الجمعة، وذلك لأنهم لما صلحوا للإمامة فلان يصلحوا للاقتداء أولى. كذا في العناية.
قوله: (ومن لا عذر له لو صلى الظهر قبلها كره) أي حرم قطعا. وإنما ذكر الكراهة اتباعا للقدوري مع أنه مما لا ينبغي فإنه أوقع بعض الجهلة في ضلالة من اعتقاد جواز تركها،
(٢٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 261 262 263 264 265 266 267 268 269 270 271 ... » »»
الفهرست