على مقتضى مذهب أبي حنيفة رحمه الله، وأغرب منه أن المرقي ينهى عن الامر بالمعروف بمقتضى الحديث الذي يقرأه ثم يقول أنصتوا رحمكم الله، ولم أر نقلا في وضع هذا المرقي في كتب أئمتنا.
قوله: (ويجب السعي وترك البيع بالاذان الأول) لقوله تعالى * (يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع) * (الجمعة: 9) وإنما اعتبر الاذان الأول لحصول الاعلام به، ومعلوم أنه بعد الزوال إذ الاذان قبله ليس بأذان، وهذا القول هو الصحيح في المذهب. وقيل: العبرة للاذان الثاني الذي يكون بين يدي المنبر لأنه لم يكن في زمنه عليه الصلاة والسلام إلا هو وهو ضعيف لأنه لو اعتبر في وجوب السعي لم يتمكن من السنة القبلية ومن الاستماع بل ربما يخشى عليه فوات الجمعة. وفي صحيح البخاري مسندا إلى السائب بن يزيد قال: كان النداء ليوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر، فلما كان عثمان وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء.
قال البخاري: الزوراء موضع بالسوق بالمدينة. وفي فتح القدير: وقد تعلق بما ذكرنا بعض من نفى أن للجمعة سنة فإنه من المعلوم أنه كان عليه السلام إذا رقي المنبر أخذ بلال في الاذان فإذا أكمله أخذ عليه السلام في الخطبة فمتى كانوا يصلون السنة؟ ومن ظن أنهم إذا فرغ من الاذان قاموا فركعوا فهو من أجهل الناس، وهذا مدفوع بأن خروجه عليه السلام كان بعد الزوال بالضرورة فيجوز كونه بعد ما كان يصلي الأربع، ويجب الحكم بوقوع هذا المجوز لما قدمناه من عموم أنه كان عليه السلام يصلي إذا زالت الشمس أربعا، وكذا يجب في حقهم لأنهم أيضا يعلمون الزوال كالمؤذن بل ربما يعلمونه بدخول الوقت ليؤذن ا ه. والمراد من البيع ما يشغل عن السعي إليها حتى لو اشتغل بعمل آخر سوى البيع فهو مكروه أيضا.
كذا في السراج الوهاج. وأشار بعطف ترك البيع على السعي إلى أنه لو باع أو اشترى حالة