الجمعة لذلك فاشتغل بقضائها، وكذا لو كان أفسد الجمعة فاحتاج إلى إعادتها أو افتتح التطوع بعد الخطبة وإن لم يعد الخطبة أجزأه، وكذا إذا خطب جنبا. كذا في فتح القدير. ولم يفرق بين الفصل القليل والكثير، وفرق بينهما في الخلاصة فقال: ولو خطب محدثا أو جنبا ثم توضأ أو اغتسل وصلى جاز، ولو خطب ثم رجع إلى بيته فتغدى أو جامع واغتسل ثم جاء استقبل الخطبة، وكذا في المحيط معللا بأن الأول من أعمال الصلاة بخلاف الثاني فإن ظاهره أن الاستقبال في الثاني لازم وإلا فلا فرق بين الكل. وقد صرح في السراج الوهاج بلزوم الاستئناف وبطلان الخطبة وهذا هو الظاهر لأنه إذا طال الفصل لم يبق خطبة للجمعة بخلاف ما إذا قل، وقد علم من تفاريعهم أنه لا يشترط في الإمام أن يكون هو الخطيب، وقد صرح في الخلاصة بأنه لو خطب صبي بإذن السلطان وصلى الجمعة رجل بالغ يجوز.
قوله (وسن خطبتان بجلسة بينهما وطهارة قائما) كما روي عن أبي حنيفة أنه قال:
ينبغي أن يخطب خطبة خفيفة يفتتح بحمد الله تعالى ويثني عليه ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويعظ ويذكر ويقرأ سورة ثم يجلس جلسة خفيفة، ثم يقوم فيخطب خطبة أخرى يحمد الله تعالى ويثني عليه ويتشهد ويصلي على النبي صلى الله عليه وسلم ويدعو للمؤمنين والمؤمنات كما في البدائع.
وقد علم من هذا أنه لا يعظ في الثانية ولهذا قال في التجنيس: إن الثانية كالأولى إلا أنه يدعو للمسلمين مكان الوعظ، وظاهره أنه يسن قراءة آية في الثانية كالأولى. والحاصل كما في المجتبي أن الكلام في الخطبة في أربعة مواضع: في الخطبة والخطيب والمستمع وشهود الخطبة. أما الخطبة فتشتمل على فرض وسنة، فأما الفرض فشيئان: الوقت وذكر الله تعالى، وأما سننها فخمس عشرة: أحدها الطهارة حتى كرهت للمحدث والجنب. وقال أبو يوسف: لا يجوز. وثانيها القيام. وثالثها استقبال القوم بوجهه. ورابعها قال أبو يوسف في الجوامع: التعوذ في نفسه قبل الخطبة. وخامسها أن يسمع القوم الخطبة فإن لم يسمع أجزأه.
وسادسها ما روى الحسن عن أبي عن أبي حنيفة أنه يخطب خطبة خفيفة وهي تشتمل على عشرة:
أحدها البداءة بحمد الله. وثانيها الثناء عليه بما هو أهله. وثالثها الشهادتان. ورابعها الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم. وخامسها العظة والتذكير. وسادسها قراءة القرآن وتاركها مسئ وروي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ فيها سورة العصر ومرة أخرى * (لا يستوي أصحاب النار وأصحاب الجنة