البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٥
صريح في جواز الاستنابة للخطيب مطلقا أو كالصريح فيه. وأيضا ليس الحدث قبل الصلاة من الضروريات لامكان أن يذهب الخطيب للوضوء ثم يأتي فيصلي، وقد اتفقت كلمتهم على أن له الاستخلاف بشرط أن يكون النائب شهد الخطبة ليكون كأن النائب خطب بنفسه، ولم يقيدوا وبإذن الحاكم فدل على ما قلنا. وفي فتاوى الولوالجي: إذا أحدث الإمام فقال لواحد فيهم اخطب ولا تصل بهم فذهب ولم يجئ أجزأه أن يخطب ويصلي بهم لأنه نهاه عن الصلاة لكي يأتي فيصلي بهم، فإذا لم يأت كان هذا تفويض الصلاة إليه. وقد وقع لبعض قضاة العساكر في زماننا بالقاهرة أنه كان يرى بأنه لا يصح تقريره في وظيفة الخطابة وإنما يقرر فيها الحاكم وهو المسمى بالباشا، ولعله استند في ذلك إلى ما قدمناه عن الخلاصة من أن القاضي لا يقيمها إلا بإذن. لكن قال في الظهيرية بعد نقل ما في الخلاصة: وعن أبي يوسف أنه قال: أما اليوم فالقاضي يصلي بهم الجمعة لأن الخلفاء يأمرون القضاء أن يجمعوا بالناس لكن قيل أراد بهذا قاضي القضاة الذي يقال له قاضي قضاة الشرق والغرب كأبي يوسف في وقته، أما في زماننا فالقاضي وصاحب الشرط لا يوليان ذلك اه‍. فالحاصل أن السلطان إذا ولى إنسانا قاضي القضاة بمصر فإن له أن يولي الخطباء ولا يتوقف على إذن كما أن له أن يستخلف للقضاء وإن لم يؤذن له مع أن القاضي ليس له الاستخلاف إلا بإذن السلطان لأن توليته قاضي إذن بذلك دلالة كما صرح به في فتح القدير من باب القضاء، لكن ذكر في التجنيس أن في إقامة الجمعة للقاضي روايتين، وبرواية المنع يفتي في ديارنا إذا لم يؤمر به ولم يكتب في منشوره. وأشار المصنف رحمه الله تعالى إلى أن الإمام إذا منع أهل المصر أن يجمعوا لم يجمعوا كما أن له أن يمصر موضعا كان له أن ينهاهم. قال الفقيه أبو جعفر: هذا إذا نهاهم مجتهدا بسبب من الأسباب وأراد أن يخرج ذلك المصر من أن يكون مصرا، أما إذا نهاهم متعنتا أو إضرارا بهم فلهم أن يجمعوا على رجل يصلي بهم الجمعة. ولو أن إماما مصر مصرا ثم نفر الناس عنه لخوف عدو أو ما أشبه ذلك ثم عادوا إليه فإنهم لا يجمعوا إلا بإذن مستأنف من الإمام.
كذا في الخلاصة. ودل كلامهم أن النائب إذا عزل قبل الشروع في الصلاة ليس له إقامتها لأنه لم
(٢٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 250 251 252 253 254 255 256 257 258 259 260 ... » »»
الفهرست