البحر الرائق - ابن نجيم المصري - ج ٢ - الصفحة ٢٥٢
في زماننا من المفسدة العظيمة، وهو اعتقاد الجهلة أن الجمعة ليست بفرض لما يشاهدون من صلاة الظهر فيظنون أنها الفرض، وأن الجمعة ليست بفرض فيتكاسلون عن أداء الجمعة فكان الاحتياط في تركها، وعلى تقدير فعلها ممن لا يخاف عليه مفسدة منها فالأولى أن تكون في بيته خفية خوفا من مفسدة فعلها والله سبحانه الموفق للصواب.
قوله (والسلطان أو نائبه) معطوف على المصر. والسلطان هو الوالي الذي لا والي فوقه.
وإنما كان شرطا للصحة لأنها تقام بجمع عظيم وقد تقع المنازعة في التقديم والتقدم وقد تقع في غيره فلا بد منه تتميما لامره، ودخل تحت النائب العبد إذا قلد عمل ناحية فصلى بهم الجمعة جاز.
ولا تجوز إلا نكحة بتزويجه ولا قضائه، ودخل القاضي والشرطي لكن قال في الخلاصة: وليس للقاضي أن يصلي الجمعة بالناس إذا لم يؤمر به، ويجوز لصاحب الشرط وإن لم يؤمر به وهذا في عرفهم اه‍. وفيها: والي مصر مات ولم يبلغ الخليفة موته حتى مضت بهم جمع فإن صلى بهم خليفة الميت أو صاحب الشرط أو القاضي أجزأهم، ولو اجتمعت العامة على تقديم رجل لم يأمره القاضي ولا خليفة الميت لم يجز ولم تكن جمعة، ولو لم يكن ثمة قاض ولا خليفة الميت فاجتمع العامة على تقديم رجل جاز للضرورة، ولو مات الخليفة وله ولاة وأمراء على أشياء من أمور المسلمين كانوا على ولايتهم يقيمون الجمع اه‍. وأطلق في السلطان فشمل العادل والجائز والمتغلب ولهذا قال في الخلاصة: والمتغلب الذي لا عهد له أي لا منشور له إن كان سيرته فيما بين الرعية سيرة الامراء ويحكم فيما بينهم بحكم الولاية تجوز الجمعة بحضرته اه‍. والعبرة لأهلية النائب وقت الصلاة لا وقت الاستنابة حتى لو أمر الصبي أو الذمي وفوض إليهما الجمعة قبل يوم الجمعة فبلغ الصبي وأسلم الذمي كان لهما أن يصليا الجمعة، ولا ينافيه ما كره في الخلاصة قبله النصراني إذا مر على مصر ثم أسلم ليس له أن يصلي الجمعة بالناس حتى يؤمر بعد الاسلام، وكذا الصبي إذا أمر ثم أدرك، وكذا لو استقضي صبي أو نصراني ثم أدرك الصبي وأسلم النصراني لم يجز حكمهما اه‍. لأنه في الأول فوض إليه أمر الجمعة صريحا، وفي الثاني لا، وظاهر ما في الخانية أن الفرق إنما هو قول بعض المشايخ وأن الراجح عدم الفرق لأن التفويض وقع باطلا، فعلى هذا المعتبر أهليته وقت الاستنابة ولا خفاء في أن من فوض إليه أمر العامة في مصر فإن له أن يقيم الجمعة وإن لم يفوضها إليه السلطان صريحا كما في الخلاصة من أن من فوض إليه أمر العامة من
(٢٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 247 248 249 250 251 252 253 254 255 256 257 ... » »»
الفهرست