عبده عند الموت وعليه دين قال يستسعى في قيمته وبه نأخذ لان العتق في مرض الموت وصية والدين مقدم على الوصية فإذا كان الدين مثل قيمته أو أكثر ولا مال له سواه فقد بطلت الوصية ووجب علي العبد رد رقبته ولكن العتق بعد نفوذه لا يحتمل النقض والرد فيكون رده بايجاب السعاية عليه ولا يلزمه السعاية في أكثر من قيمته لأنه لا يسلم له أكثر من مالية رقبته وإن كان الدين على المولى أقل من قيمته سعى في مقدار الدين من قيمته للغرماء وفى ثلثي ما بقي للورثة لان مال الميت ما بقي بعد قضاء الدين فإنما سلم له بالوصية ثلث ما بقي وعليه السعاية في ثلثي قيمته للورثة وإذا أعتق الرجل في مرضه عبدا قيمته ثلاثمائة ولا مال للمولي سواه ولا دين عليه فعي العبد السعاية في مائتي درهم للورثة لان الثلث يسلم له بطريق الوصية فان عجل العبد من السعاية لمولاه مائتي درهم فأنفقها المولى على نفسه ثم مال المولى ولا مال له غيره فإنه يعتق من العبد ثلث المائة الباقية ويسعى في ثلثيها لان معنى المعاوضة تظهر فيما أدى وهو قدر الثلثين منه فيخرج ذلك القدر من أن يكون معتبرا من ثلثه (ألا ترى) انه لو أعتقه بمثل قيمته فاداها إلى المولى لم يعتبر خروجه من الثلث فكذلك إذا أدى ثلثي قيمته إلى المولى وما أنفقه المولى على نفسه لا يكون معتبرا لان المولى غير ممنوع من أنفاق المال على نفسه فان حاجته مقدمة علي حاجة ورثته وما أنفقه ليس بقائم عند موته فلا يحتسب من ماله فإنما يبقى ماله ثلث العبد وقد أوصى له بذلك فيسلم له بالوصية ثلث هذا الثلث ويسعى في ثلثيه وهو معنى تعليل محمد رحمه الله لان المولي لم يترك الا مائة درهم ولو كان عجل له قيمته كلها ثم مات المولى وهي عنده رد على العبد منها مائة درهم لأنه موصى له بثلاثمائة ومال المولى عند موته ثلاثمائة وهو ما استوفاه من العبد لان باعتبار المعاوضة تخرج رقبته من أن تكون محسوبة من ماله فتنفذ وصيته في ثلث ماله عند موته وذلك مائة درهم وهذا لان ما أداه العبد إنما أداه من كسب هو أحق به فإنه بمعنى مكاتب أو حر عليه دين فيكون أحق بكسبه * ولو أن المولى أنفق منها مائة درهم أو أكثر فقد ما أنفقه لا يكون محسوبا من ماله وإنما ماله ما بقي فيرد ثلثه على العبد بطريق الوصية ولو أنفقها كلها ثم مات لم يكن للعبد وصية لان المولى لم يترك شيئا فحاجته في النفقة مقدمة على حق الوارث والموصى له وهو حر لا سعاية عليه لان الحرية سلمت له بعوض فيه وفاء وهو ما إذا أداه من قيمته فهو قد أدى ذلك من كسب هو خالص حقه وهو نظير ما لو باعه من غيره بمثل قيمته وقبض الثمن فأنفقه على نفسه
(٢٣)