المبسوط - السرخسي - ج ٢٨ - الصفحة ٢٢
بالتصرف بمنزلة الوكيلين إذا وكل واحد منهما على الانفراد ولكن الأصح ان الخلاف في الفصلين لان وجوب الوصية يكون عند الموت وعند الموت إنما تثبت الوصية لهما معا بخلاف الوكالة وهذا لان بالايصاء إلى الثاني يقصد اشتراكه مع الأول وهو يملك الرجوع عن الوصية إلى الأول فيملك أشراك الثاني معه وقد يوصى الانسان إلى غيره على ظن أنه يتمكن من اتمام مقصوده وحده ثم يتبين له عجزه عن ذاك فيضم له غيره فكان بمنزلة الوصية إليهما معا بخلاف الوكيلين فان رأى الموكل قائم هناك وإذا عجز الوكيل يمكن الموكل من المباشرة بنفسه فلم يكن قصده ضم الثاني إلى الأول وإنما كان قصده إنابة كل واحد منهما منابه بانفراده فان مات أحدهما جعل القاضي مكانه وصيا آخر أما عند أبي حنيفة ومحمد فلان الاخر عاجز عن التفرد بالتصرف والقاضي قائم مقام الميت في النظر فيعجزه بنفسه عن النظر فيضم إليه وصيا آخر وعند أبي يوسف الحي منهما وإن كان يقدر على التصرف فإنما كان الموصى قصد أن يخلف متصرفين في حقوقه وتحصيل مقصوده بنصب وصى آخر هاهنا لان رأى الميت منهما باق حكما برأي من نصبه وروى الحسن عن أبي يوسف ان الحي لا ينفرد بالتصرف هاهنا لان الموصى ما رضى برأيه وحده ولا يكون للوصي أن يرضى بما يعلم أن الموصى لم يرض به بخلاف ما إذا أوصي إلى غيره وإذا مات وأوصى إلى آخر فهو وصية في تركته وتركة الميت الأول عندنا وقال الشافعي لا يكون وصيا في تركة الميت الأول بحال وقال ابن أبي ليلى لا يكون وصيا في تركة الميت الأول إلا أن يوصي إليه بوصية الأول وجه قول الشافعي ان الوصي بمنزلة الوكيل لأنه مفوض إليه بوصية الأول التصرف بعد الموت بعقد فهو كالمفوض إليه التصرف في حالة الحياة بالعقد وهو الوكيل ثم الوكالة تنقطع بموت الموكل ولا يملك الوكيل أن يوكل به غيره فكذلك الوصي إذا مات ولا معنى للفرق لان حق التصرف للموصى إنما يثبت بعد سقوط ولاية وصي لان حق التصرف إنما يثبت له في الوقت الذي فوض إليه التصرف في الوجهين جميعا وإنما تصح الوصية باعتبار قيام ولاية الموصى حكما كما تصح الوصية له بالمال بعد موته باعتبار قيام ملكه فيه حكما وفقه ما بينا ان الموصى رضى برأيه والناس في الرأي يتفاوتون فلا يكون ذلك منه رضا برأي غيره ولهذا لا يوكل الوصي أيضا عندي وحجتنا في ذلك الوصي يتصرف بولاية منتقلة إليه فيملك الايصاء إلى الغير كالجد وتقريره ان الولاية التي كانت ثابتة للموصى تنتقل في المال إلى الوصي في النفس وإلى الجد في النفس ثم
(٢٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 17 18 19 20 21 22 23 24 25 26 27 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب الوصية بغلة الأرض والبستان 2
2 باب الوصية في العتق 6
3 باب عتق النسمة عن الميت 16
4 باب الوصي والوصية 20
5 باب اقرار الوارث 36
6 باب اقرار الوارث بالعتق 42
7 باب الوصية بالعتق على مال أو خدمة 43
8 باب الوصية إذا لم يقبلها الموصى له 47
9 باب الوصية بمثل نصيب أحدهم 50
10 باب العين بالدين 61
11 باب الدعوى من بعض الورثة للوارث 74
12 باب اقرار المريض وأفعاله 78
13 باب الشهادة في الوصية وغيرها 80
14 باب الاستثناء 83
15 باب الوصية بما في البطن 86
16 باب الوصية بالجزء والسهم 87
17 باب الوصية على الشرط 89
18 باب وصية الصبي والوارث 91
19 باب الوصية بسدس داره 96
20 باب الوصية بالكمال 97
21 كتاب العين والدين 110
22 باب الوصية بأكثر من الثلث 111
23 باب الوصية بالعتق والمال يفضل فيه أحد الورثة صاحبه 127
24 باب الوصية بالعتق والمحاباة 133
25 باب الوصية في العتق والدين على الأجنبي 135
26 باب الوصية في العين والدين على بعض الورثة 144
27 باب العتق في المرض والصحة 157
28 باب اقرار الوارث لوارث معه فيصدقه صاحبه أو يكذبه 186