وسلم ان الله تعالى تصدق عليكم الحديث * وإذا قال في وصيته سدس داري لفلان فان ذلك جائز وليس هذا باقرار لأنه أضاف ما جعله لفلان إلى نفسه أولا فبه تبين أن المراد ايجابه له لا الاخبار أنه كان له وبذكر هذا اللفظ في حالة الوصية يستدل على أن مراده الوصية دون الهبة والشيوع لا يمنع صحة الهبة لان القسمة تتمة القبض وأصل القبض ليس بشرط في معنى الوصية فكذلك القسمة بخلاف الهبة * ولو قال له السدس في داري فهذا اقرار لان اللام لثبات الملك فقد أخبر بملكه في سدس منكر وجعل داره ظرفا لذلك السدس فلا يصير هو بإضافة الظرف إلى نفسه بمضيف ملك السدس إلى نفسه حتى يكون ذلك تمليكا منه ابتداء فهو بمنزلة قوله ذرة في كفى لفلان أو نواة في كمي لفلان * ولو قال له ألف درهم من مالي لم يكن هذا اقرارا وهو وصية إذا كان ذكر في وصيته بخلاف قوله له ألف درهم في مالي لان حرف في للظرف وحرف من للتبعيض فإذا جعل الألف بعضا من ماله كان مضيفا الألف إلى نفسه ثم موجبا لفلان * وان قال عبدي هذا لفلان أو داري هذه لفلان فهذا مثل قوله سدس داري لفلان في القياس إن لم يقبضها في حياته فهو باطل بخلاف قوله سدس داري لفلان لان حقيقة هذا اللفظ للتمليك في الحال ففي العبد والدار يمكن تحصيل مقصوده مع اعتبار حقيقة اللفظ لان اللفظ فيها يصح وفي قوله سدس داري لا يمكن تحصيل مقصوده مع مراعاة حقيقة اللفظ فلهذا حملنا ذلك على الوصية * ولو قال درهم من دراهمي لفلان فليس هذا باقرار لان من للتبعيض فقد جعل ما أوجبه لفلان من بعض ملكه وكذلك لو قال بيت من داري لفلان فليس هذا باقرار بخلاف قوله بيت في داري * ولو قال سدس داري لفلان ولم يقل بعد موتى ولم يقل ذلك في حالة الوصية فهذه هبة لأنه لا يمكن حمل لفظه على الوصية من غير دليل وليس في لفظه ما يدل ولا في حاله ما يدل على ذلك فتكون هذه هبة غير مقسومة ولا مقبوضة ولو قال أوصيت بان يوهب لفلان سدس داري بعد موتى وصية أو يتصدق به عليه وصية أجزت ذلك وكذلك لو قال سدس داري لفلان بعد موتى هبة أو صدقة جاز ذلك لأنه لما قال بعد موتى فقد صرح بالوصية فإنه أضاف التصرف إلى ما بعد الموت والتصرف المضاف إلى ما بعد الموت يكون وصية فيجب تنفيذها من الثلث والله أعلم بالصواب
(٩٧)