لو أوجبنا عليه السعاية في قيمته كان مكاتبا لان المستسعى في بدل رقبته عنده مكاتب والمكاتب لا يرث فيجب تنفيذ الوصية له وإذا أنفذنا الوصية له وأسقطنا عنه السعاية صار وارثا لا يزال يدور هكذا وقطع الدور واجب فيجمع له بين الميراث والوصية لضرورة الدور لان ثبوت الوصية للوارث أسهل من ابطال ميراثه (ألا ترى) ان الميراث لا يرتد برد أحد فإنه واجب بايجاب الله تعالى والوصية للوارث تصح عند إجازة الورثة فلهذه الضرورة جمعنا له بين الوصية والميراث وهو نظير جواز تنفيذ الوصية فيما زاد على الثلث لضرورة الدور وقد بينا ذلك في كتاب الهبة انه قد تنفذ الهبة في ثلث المال لضرورة الدور والوصية للوارث بمنزلة الوصية للأجنبي بما زاد على الثلث ولو اشترى ابنه بألف درهم وقيمته خمسمائة وأعتق عبدا له آخر يساوي خمسمائة ولا مال له غيرهما ففي قول أبي حنيفة المحاباة تقدم لأنه بدأ بها وقد استغرقت الثلث فيجب على كل واحد من العبدين السعاية في قيمته ولا يرث الابن شيئا لما عليه من السعاية وعندهما العتق مقدم إلا أن الابن وارث فلا وصية له ولكن يعتق العبد الاخر محاباة ويسعى الابن في قيمته ويطالب البائع بالرد فيما زاد على قيمته من الثمن فيكون ميراثا بينهم على فرائض الله تعالى ولو كان قيمة الابن ألفا فاشتراه بألف وأعتق عبدا آخر يساوى ألفا على قول أبي حنيفة يتحاصان في الثلث ويسعى الابن فيما زاد على حصته ولا ميراث له لأنه مستسعى في بعض قيمته فلا يكون وارثا وعند أبي يوسف ومحمد الابن وارث فعليه أن يسعى في جميع قيمته ويقاص بها من ميراثه قال وإذا أعتق الرجل أمته ثم تزوجها وهو مريض ثم دخل بها وقيمتها ألف درهم ومهر مثلها مائة فإن كانت قيمتها ومهر مثلها يخرج من الثلث جعلت لها الميراث والمهر وأجزت النكاح وان كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرج من الثلث دفع لها مهر مثلها والثلث مما بقي بعد المهر ثم سعت فيما بقي من قيمتها ولا ميراث لها وهذا قول أبي حنيفة وقد طعن عيسى رحمه الله في اشتراطه خروج القيمة ومهر المثل من الثلث قال كيف يستقيم هذا والمهر دين يعتبر من جميع المال والقيمة وصية تعتبر من الثلث ولكن يقول مراده من ذلك خروج القيمة من الثلث بعد دفع مهر المثل من المال لان مهر المثل دين فيعتبر فيبدأ به ثم إذا كانت القيمة تخرج من ثلث ما بقي فقد عرفنا نفوذ العتق وصحة النكاح وثبوت الميراث لها ولكن يجمع على أصله لها بين الميراث والوصية لضرورة الدور وان كانت قيمتها ومهر مثلها لا يخرج من الثلث فقد علمنا بوجوب السعاية عليها في بعض قيمتها وانها كالمكاتبة والمولى إذا
(١١)