(باب الوصية بالعتق والمحاباة) (قال رحمه الله) وإذا باع الرجل في مرضه عبدا من رجل بألف درهم وقيمته ألفان ثم أعتق عبدا له آخر يساوى ألف درهم ولا مال له غيره فالمحاباة أولى من العتق في قول أبي حنيفة وقد بينا هذه المسألة في الوصايا وعند أبي حنيفة رحمه الله للمحاباة قوة من حيث السبب وهو أن سببه عقد الضمان وللعتق قوة من حيث الحكم وهو أنه لا يحتمل الرد فإذا بدا بالمحاباة كانت مقدمة في الثلث وإذا بدأ بالعتق تحاصا فيه وعند أبي يوسف ومحمد العتق أولى على كل حال فعندهما يعتق العبد مجانا لان قيمته بقدر الثلث فيخير المشترى فإن شاء نقض البيع ورد العبد لما لزمه من الزيادة في الثمن ولم يرض به وان شاء نقض العقد وأدى كمال قيمة العبد ألفي درهم وعند أبي حنيفة المحاباة أولى لأنه بدأ بها فيسلم العبد للمشترى بالألف ولم يبق من الثلث شئ لان العتق لا يمكن رده فيسعى العبد في قيمته للورثة فإن كان قيمة المعتق ألفا وخمسمائة فعلى قول أبي حنيفة يبدأ بالمحاباة كما بينا ثم يسلم للمعتق باقي الثلث من قيمته وهو مائة وستة وستون وثلثان لان جملة المال ثلاثة آلاف وخمسمائة وقد سلم للمشترى بالمحاباة مقدار ذلك ألف فيسلم للعبد ما بقي من الثلث وعندهما العتق مقدم فيسلم للعبد مقدار الثلث ويسعى فيما بقي وهو ثلاثمائة وثلاثة وثلاثون وثلث ويخير المشترى كما بينا فان مات العبد قبل أن يؤدى شيئا فالمشترى بالخيار في قول أبي حنيفة رحمه الله ان شاء أخذ العبد بألف وثلاثمائة وثلاثة وثلاثين وثلث وان شاء نقض البيع لان العبد ما كان يسلم له من الوصية شئ قبل سلامة المحاباة للمشترى وقد هلك فصار كأن لم يكن وإنما المال في الحاصل ألف درهم فيسلم للمشترى من المحاباة بقدر ثلث المال وثلث الألفين ثلث ألف فعليه أن يؤدى ما زاد على ذلك ويتخير لأنه لزمه زيادة في الثمن ولم يرض بالالتزام وعند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله العتق مقدم فالعبد فيما مر مستوف لوصيته ويتخير المشترى بين أن يغرم كمال قيمة العبد المعتق ألف درهم وعلى قول أبي حنيفة رحمه الله يتحاصان في الثلث والمحاباة مثل قيمة العبد فيكون الثلث بينهما نصفين فيعتق نصف العبد ويسعى في نصف قيمته ويأخذ المشترى عبده بألف وخمسمائة لان السالم له من المحاباة بقدر نصف الثلث ويخير المشترى لما لزمه من الزيادة في الثمن فان اختار فسخ البيع عتق العبد كله وبطلت عنه السعاية لان الوصية بالمحاباة كانت في ضمن البيع فتبطل ببطلان البيع وببطلانها ينعدم مزاحمة المشترى مع العبد في الثلث فيعتق العبد كله من الثلث وان اختار المشترى أخذ العبد بألف وخمسمائة ثم مات
(١٣٣)