صلى الله عليه وسلم لان في لفظ التصدق ما ينبئ عن التقرب فلا يستقيم أن يقال إن الله تعالى يتقرب إلى عباده قال وليس كما ظنوا ومراده صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى جعل لكم ثلث أموالكم لتكتسبوا به لأنفسكم في حال حاجتكم إلى ذلك ولفظ التصدق مستعار لهذا المعنى وهو كقوله تعالى من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا والاستقراض يكون للحاجة ولا يجوز أن يقال إن الله تعالى يحتاج إلى عباده فيستقرض منهم ولكن لفظ القرض على وجه المجاز والاستعارة مع أنه لا يبعد أن يقال إن الله تعالى يتقرب إلى عباده قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما يأثره عن ربه لا أزال أتقرب إلى عبدي وهو يتباعد عنى وقال من تقرب إلي شبرا تقربت إليه ذراعا ثم نقول الموصى له بالثلث شريك الوارث في التركة ولهذا يزاد حقه بزيادة التركة وينتقص بنقصان التركة ولا يقدم تنفيذ الوصية له تسليم الميراث إلى الوارث لوجهين أحدهما أن الاستحقاق ثبت له بمثل ما ثبت به الاستحاق للوارث وهو السهم السابع المذكور ممن يملك الايجاب له فالميراث للورثة مذكور في كتاب الله تعالى بذكر السهام والسدس والربع والثلث فالوصية بالثلث والربع والسدس تكون مثل ذلك والثاني أن الايجاب في الابتداء كان إلى الموصى للأقارب والأجانب جميعا ثم بين الله تعالى نصيب الأقارب في آية المواريث فبقي الايجاب للأجانب في محل الوصية على ما كان إلى الموصى وهو بهذا الايجاب يجعل الموصى خليفة نفسه فيما سمى له لان الوارث خليفته شرعا (ألا ترى) أن الوصية بثلث المال صحيحة فيمن له مال له في الحال فعرفنا أنه أثبت له الخلافة ثم ملك المال من ثمرات تلك الخلافة ولهذا كان وجوبها بالموت بمنزلة الوراثة * إذا عرفنا هذا فنقول إذا أوصى الرجل بثلث ماله لرجل وله ثلاثون دينارا قيمتها ثلاثمائة درهم لا مال له غيرها كان له ثلث الدنانير أو ثلث الدراهم لان ماله عند موته الجنسان وقد أوجب له الوصية بثلث ماله وليس صرف هذا الايجاب إلى أحد الجنسين بأولى من الاخر فيستحق ثلث كل جنس وهو شريك الوارث فكما أن حق الوارث يثبت في ثلثي كل جنس فكذلك حق الموصى له في ثلث كل جنس فان هلك منها عشرون دينارا بعد موت الموصى أو قبله كان للموصى له ثلث العشرة الباقية أو ثلث ثلاثمائة درهم لان ما هلك قبل موت الموصى صار كأن لم يكن فان وجوب الوصية بالموت وإنما يتناول ثلث ماله عند الموت وكذلك ما هلك بعد موت الموصى قبل القسمة لان التركة بعد الموت قبل القسمة مبقاة على حكم ملك المورث ولهذا لو ظهر فيها زيادة يقضى
(١١١)