فتبطل الوصية وكذلك لو جنت جناية قبل أن تعتق فدفعت بها بطلت الوصية لفوات محلها وهو ملك الموصى ولو فداها الورثة كانوا متطوعين في الفداء وتعتق عن الميت لأنها طهرت عن الجناية وبقيت على ملكه محلا لوصيته والورثة ما كانوا مجبورين على الفداء فكانوا متبرعين فيه لان النسمة باقية على ملك الموصى حكما فكأنهم فدوها من الجناية في حياة الموصى ولو أوصي بعتق أمة له تخرج من ثلثه كان حالها كذلك فان ولدت النسمة أو الأمة قبل أن تعتق فالولد رقيق للورثة لان الوصية بالعتق لا تسرى إلى الولد فان فيه إلزام الميت الولاء وإنما التزم الميت ولاء الأمة لا ولاء ولدها والأمة قبل أن تعتق مبقاة على حكم ملك الميت فيفصل منها الولد لذلك إلا أن الورثة لا يملكونها لكونها مشغولة بوصية الميت وذلك غير موجود في الولد فكان الولد للورثة وان كانت النسمة والأم ذات رحم محروم من الورثة لم تعتق بذلك حتى تعتق عن الميت لان اشتغالها بالوصية يمنع انتقالها إلى الوارث بل هي مبقاة على حكم ملك الميت ولهذا كان ولاؤها له إذا عتقت عنه ولو أعتقها بعض الورثة عن نفسه كان العتق عن الميت لان العتق في هذه العين مستحق عن الميت وما يكون مستحقا على المرء في عين بجهة فعلى أي وجه أتى به يقع عن الوجه المستحق وتصريحه بخلافه باطل وكذلك لو قال أنت حرة ان دخلت الدار أو قال بعد موتى لم تكن مدبرة ولكنها تعتق عن الميت ان دخلت الدار ومات القائل لان الوارث في حكم المالك لها بدليل انه يملك وزوائدها وكسبها الا انه لا يجعل ملكا فيما فيه ابطال وصية الموصى فأما فيما فيه تنفيذ وصيته فيجعل الوارث كالمالك فيصح منه تعليق عتقها بموته أو بشرط آخر وعند وجود الشرط يجعل كالمنجز لعتقها فيعتق عن الميت وبه فارق الوصي فإنه إذا علق عتقها بالشرط لم يصح التعليق لان الوصي غير مالك لها وإنما يتصرف بحكم التفويض والمفوض إليه ينجز العتق والمأمور بالتنجيز إذا علق العتق بالشرط كان ذلك منه باطلا ولو قال لها الوارث أنت حرة على ألف درهم ان قبلت فقبلت فهي حرة بغير شئ لأنها لا تعتق لوجود الشرط وإنما تعتق بجهة لوصية عن الميت وكان ذلك بغير جعل ولو أوصى أن تعتق نسمة عن شئ واجب عليه من ظهار أو غيره فإنها تعتق من ثلثه لأنه لا يجب الاعتاق عنه بعد موته بغير وصية فإذا أوصى كان معتبرا من ثلثه كالتطوعات وكذلك الزكاة وحجة الاسلام وقد بينا هذا فيما سبق ولو أوصى بعتق نسمة فاشتريت له أو بعتق أمة له تخرج من الثلث فجنى عليها جناية فالأرش للورثة لان الأرش بمنزلة الولد في كونه
(١٩)