الجد فيما ينتقل إليه قائم مقام الأب فكذلك الوصي فيما انتقل إليه لأنه خلف عن الأول وباعتبار هذه الخلاف يجعل الأول قائما حكما والخلف يعمل عمل الأصل عند عدم الأصل ومن شرط ثبوت الخلاف اعدام الأصل * يوضحه ان مقصود الموصى أن يتدارك برأيه ما فرط فيه بنفسه ولما استعان به في ذلك مع علمه انه قد تخترمه المنية قبل تتميم مقصوده فقد صار راضيا بايصائه إلى الغير في ذلك لما فيه من تحصيل مقصوده وبه فارق الوكيل لان الموكل هناك قائم يمكنه أن يحصل مقصوده بنفسه فلا يضمن لوكيله الرضا بوكيل غيره أو الايصاء إلى غيره عند موته فأما ابن أبي ليلى فيقول هو بمطلق الايصاء يجعل الوصي خلفا عنه فيما هو من حوائجه وحقوقه التي فرط فيها وهذا مقصور على تركته فاما التصرف في تركة الموصى فليس من حوائجه في شئ فلا يملك الوصي ذلك الا بالتنصيص عليه ولكنا نقول بعد قبوله الوصية وموت الموصى صار التصرف في تركة الأول وأولاده الصغار من حوائجه فيما هو مستحق عليه بمنزلة التصرف في تركة نفسه * يوضحه انه جعل الثاني خلفا عنه قائما مقامه في كل مكان يملكه بنفسه مما يقبل النقل إلى الغير بعد موته وقد كان ملك التصرف في التركتين جميعا في حال حياته فيخلفه الوصي الثاني فيهما جميعا بمطلق الايصاء وعن أبي يوسف رحمه الله كذلك إلى أن يخص تركته عند الايصاء إلى الثاني فحينئذ يعمل تخصيصه لأنه نظر لنفسه في هذا التخصيص وهو انه لا يتحمل وبال التصرف في ملك الغير حيا وميتا وإذا قبل الوصي الوصية في حياة الموصي ثم أراد الخروج منها بعد موته فليس له ذلك والوصية له لازمة لان المقصود توفير المنفعة على الموصى ودفع الضرر عنه وبعد ما قبل الوصي لو جاز له الرد بعد الموت تضرر به الموصى لأنه ترك النظر والايصاء إلى الغير اعتمادا على قبوله ويصير هذا الوصي بالقبول كالغار له والغرور حرام والضرر مدفوع بخلاف الوصية بالمال فان هناك وان قبله في حياته فله أن يرده بعد موته لان المقصود هناك توفير المنفعة على الموصى له وليس في رده معنى الضرر والغرور حق الموصى لأنه إذا رده لا يضيع المال بل يصير إلى وارثه وذلك خير للموصى شرعا فأما إذا لم يقبل الوصي حي مات الموصى فهو بالخيار ان شاء قبله وان شاء رده لأنه متبرع بالتصرف في حق الغير فلا يلزمه ذلك بدون قبوله كالوكالة وليس في رده هنا غرور من جهته وإنما الموصى هو الذي اغتر حين لم يعرف عن حالة أنه يقبل الوصية أم لا فان رده في وجه الموصى فقال الموصي ما كان ظني بك هذا فمن يقبل وصيتي إذا أمكث حتى
(٢٣)