الوارث فلا يسلم الوارث شئ من التركة الا بعد الفراغ من الدين وأصل آخر ان التركة يقسم بعد قضاء الدين وتنفذ الوصية على الورثة على ما كان يقسم عليه إن لم يكن هناك دين أو وصية لان ضرر قضاء الدين وتنفيذ الوصية يكون على الورثة بقدر أنصابهم ويجعل المستحق بالدين والوصية كالمتأدى من التركة والأصل في المال المشترك أن ما ينوى منه ينوى علي الشركة وما يبقي على الشركة إذا عرفنا هذا فنقول رجل قتل عمدا وترك ألف درهم وترك ابنين فعفى أحدهما وعلى المقتول دين ألف درهم فقد سقط القود عن القاتل بعفو أحد الابنين لأنه لا حق للغريم في القصاص فان حقه في المال والقصاص ليس بمال فصار عفو أحد الابنين كما لو لم يكن علي المقتول دين وانقلب نصيب الاخر مالا وذلك خمسة آلاف درهم لأنه تعذر علي الاخر استيفاء القصاص لمعني من جهته مع بقاء المحل فإذا قبض الخمسة آلاف ضم ذلك إلى الألف المتروكة فيكون تركته ستة آلاف يقضى منها دين المقتول وهو ألف درهم ويقسم ما بقي بين الاثنين على اثنى عشر سهما سهم للمعافي واحد عشر سهما للذي لم يعف لأنه لو لم يكن هنا دين كان قسمة التركة سهما هكذا فان الخمسة آلاف كلها حق الذي لم يعف والألف المتروكة بينهما نصفان للمعافى من ذلك خمسمائة درهم فإذا جعلت كل خمسمائة سهما صار حق الذي لم يعف أحد عشر سهما وللمعافي سهم واحد فذلك بعد قضاء الدين فقسم ما بقي بينهما على هذا وكذلك لو كان الدين أكثر من ذلك بأن كان الدين ثلاثة آلاف وقد أوصى لرجل بألف أيضا فإنه بعد قضاء الدين فيأخذ الغريم كمال حقه من التركة بعد قضاء الدين ثلاثة آلاف ومقدار وصيته خارج من ثلثه فينفذ له ثم ما بقي بين الابنين على اثنى عشر سهما لما بينا وهذا لان حق الغريم والموصى له لا يتعلق بالقصاص لأنه ليس بمال فإذا انقلب مالا تعلق به حقهما لكونه محلا لايفاء حقهما منه ولو كان ترك عبدا يساوي ألف درهم لا مال له غيره وعليه ألف درهم فخاصم الغريم القاضي فيباع العبد في دينه لأنه هو المحل الصالح لقضاء الدين منه في الحال فان عفا أحد الابنين عن الدم بعد ذلك وآخذ الاخر نصف الدية فان العافي يتبعه ويأخذ منه نصف سدسها لأنه ظهر أن التركة ستة آلاف وان ضرر قضاء الدين يكون عليهما بحسب حقهما وقد صرف نصيب جميع العافي من العبد إلى الدين وان ما كان عليه نصف سدس الدين بقدر نصيبه من التركة فيما زاد علي ذلك استوى من نصيبه وكان قضاؤه واجبا علي شريكه لأنه لم يكن متبرعا في ذلك
(٣٨)